ففيه: منع دلالة رفعه على تدارك الضرر، لما عرفت في البحث عن إمكان التعبد بالظن: أنه لا بأس بأن يكون ملاك جعل الحجية مصلحة عامة أو دفع مفسدة عامة راجعة إلى أصل الشريعة، لا إلى أشخاص المكلفين، فهنا أيضا ربما كان مصلحة رفع التكليف الغير المعلوم هي أن لا تكون الشريعة صعبة مضيقة حرجية، لكي لا ينزجر أبناء النوع الإنساني عنها ويدخلوا فيها أفواجا، وهي مصلحة رفيعة لازمة الرعاية، ورعايتها لا تنافي وقوع المكلف في الضرر الدنيوي الذي هو من قبيل الملاكات، كما لا يخفى.
الوجه الثاني: أنه لو لم يؤخذ بالمظنون لزم ترجيح المرجوح على الراجح، وهو قبيح.
وبيانه: أنه إذا ظن بالتكليف فقد ظن بأن وجوب هذا الشئ أو حرمة ذلك مراد المولى، ففي مقام الامتثال إن لم يراع هذا الظن فقد تمسك في مقام العمل بالوهم المرجوح، وترجيح المرجوح والموهوم على المظنون والراجح قبيح وغير مقبول عند العقل العملي والعقلاء، فليس الآخذ بالموهوم بمعذور في ترك إتيان المظنون إذا صادف ظنه الواقع، وهو المراد بحجية الظن في هذا المقام.
وفيه أولا: أنه لم يبين فيه وجوب أن يقوم المكلف بصدد الامتثال، فلم لا يجوز له الرجوع إلى البراءة العقلية والشرعية؟.
وثانيا: أنه لم لا يجب عليه، أو لا يجوز له الاحتياط بإتيان المظنون والموهوم؟ فهذا الوجه بنفسه مختل النظام، ولا ينتظم أساسه إلا بما يأتي في الوجه الرابع المعروف ب " دليل الانسداد ".
الوجه الثالث: ما عن السيد المجاهد (قدس سره): من أنا نعلم بوجود واجبات ومحرمات بين المشتبهات، وامتثالها العلمي بالاحتياط غير واجب بقاعدة نفي العسر والحرج، فنتنزل إلى الامتثال الظني.
وفيه: ما أفيد من أنه بعض مقدمات دليل الانسداد التي لا يتم الاستدلال إلا بتمامها.