بعده فقاعدة الفراغ لا تجري، لأن المفروض أنه لو التفت إلى حاله حين الصلاة لشك. وتبعه فيه بعض تلاميذه دام ظله.
أقول: ما فرضه (قدس سره) من الغفلة المحضة ممنوعة، وذلك أن المفروض أنه يشك في أنه تطهر بعد الحدث أم لا؟ والتطهر لا يكون إلا بالالتفات بعد الحدث إلى حالة حدثه، والاقدام إلى رفعه ليكون على طهارة للأعمال المشروطة بها، وحيث إن الطهارة مما يحصل قبل الصلاة فلو كان من المحتمل لديه أن يكون قد توضأ قبيل صلاته فلا محالة ليس خارجا عن عموم قاعدة الفراغ، حتى على القول بالأمارية أيضا. والله العالم.
ثم إن ذكر اليقين في قول المحقق الخراساني في الكفاية: (يعتبر في الاستصحاب فعلية الشك واليقين) مبني على سهو القلم، وإلا فهو يصرح في التنبيه الثاني منها بعدم إعتبار فعليته، فراجع وتدبر.
الأمر الخامس حول اعتبار فعلية اليقين، وتحقيق كيفية جريان الاستصحاب في موارد الأمارات والحجج قد يستشكل جريان الاستصحاب في موارد الأمارات لتبادر اعتبار اليقين الفعلي في موضوعه من أخباره، ومن المعلوم أن لا يقين بما قامت الأمارة عليه في موردها.
والحق في الجواب: ما أفاده المحقق صاحب الكفاية (قدس سره)، وحاصله: أن مفاد أخبار الاستصحاب أنه إذا تحقق شئ ثم شك في بقائه فهو محكوم بالبقاء، واليقين المذكور في قولهم (عليهم السلام): " لا ينقض اليقين بالشك " فإن أريد منه تلك الصفة النورية التي لها منتهى درجة الكاشفية - إلا أن أخذه في هذه الأخبار إنما هو لبيان مفروضية وجود الشئ وإعطاء الاطمئنان للمخاطب من ناحية أصل ثبوته، لكي يتمحض الشك والتعبد المدلول عليه في ناحية البقاء - فلا محالة يكون