تنجس، بل الشك في أصل حدوث النجاسة، فلا يجري استصحاب أصلا.
وأما القسم الثالث - أعني ما إذا كان الشك في البقاء مستندا إلى احتمال وجود فرد آخر كان الكلي باقيا به - فهو على قسمين، فإنه: تارة يحتمل أن يكون فرد آخر مع الفرد المتيقن فزال المتيقن وبقي ذاك الآخر، وأخرى يحتمل حدوث فرد آخر مقارنا لزوال المتيقن. ثم هذا الثاني أيضا على قسمين، فإنه: تارة يكون مجرد احتمال حدوث هذا الآخر وأخرى يكون ذاك الاحتمال لاحتمال تبدل المتيقن إليه، كتبدل الوجوب إلى الاستحباب لصيرورة ملاكه أضعف مما كان.
ففي هذا القسم الأخير إذا كان الفرد المحتمل المتبدل إليه بقاء ذاك المتيقن عرفا، وإنما كان التعدد بحكم العقل الدقيق، كما في تبدل العرض الشديد إلى أضعف منه، فإنه بناء على امتناع انتقال العرض من محله يكون الضعيف فردا جديدا، إلا أنه لا ريب في أنه عند العرف بقاء ما كان، ولما كان لا ريب في أن ملاك البقاء ووحدة القضيتين المتيقنة والمشكوكة هو نظر العرف فبقاؤه بقاء شخص الفرد المتيقن، ويكون من قبيل القسم الأول من أقسام استصحاب الكلي يجري استصحاب الفرد والكلي كليهما، ويكون خارجا عن محل الكلام. ومحل البحث هو الأقسام الاخر.
وعمدة الوجه لمنع جريان الاستصحاب فيه: أن الكلي الطبيعي وإن كان موجودا في الخارج إلا أنه يتعدد بتعدد الأفراد، ويكون نسبة إلى الأفراد كنسبة الآباء إلى الأبناء، وعليه فالمتيقن من الكلي وجود خاص منه هو المتحد والموجود بالفرد المتيقن والحصة الخاصة المتحدة به، ولا ريب في أنه قد زال، وأنه لو كان موجودا فلا محالة كان وجودا خاصا آخر منه متحدا مع فرد آخر فالقضية المشكوكة غير المتيقنة، ولا مجال لجريان الاستصحاب في شئ من الأقسام.
وفيه: أن استصحاب الكلي مطلقا إنما يكون له مجال إذا كان موضوع الحكم نفس الكلي، ومعنى موضوعية الكلي أنه ليس المعتبر والملاك إلا نفس الحيثية الموجودة في جميع الأفراد، برفض جميع القيود والخصوصيات التي تكون مع