الشريعة. فالإنصاف أن دليل العلم الإجمالي قاصر عن إثبات وجوب الفحص في جميع الموارد. لكنه لا يضر بأصل المطلب، إذ قد عرفت قيام الدليل على وجوبه من ناحية آيات الكتاب والسنة المعتبرة.
هذا كله في أصل وجوب الفحص.
وأما مقداره: فالظاهر أن حده أن ييأس عن قيام دليل معتبر ويطمئن بعدم وجوده فيما بين الأدلة، على ما هو المعمول بين الأصحاب، فبعد وصوله إلى هذا الحد يجري في حقه البراءة العقلية والشرعية، أما العقلية فواضحة، وأما الشرعية فلأن أدلة وجوب السؤال والتعلم إنما تمنع عن الرجوع إلى مثل حديث الرفع ابتداء، وأما إذا قام مقام السؤال والتعلم، وفحص مظان الدليل على التكليف إلى حد اليأس فليس فيها دلالة على وجوب الفحص أزيد منه، ولا فيها مانعية عن الرجوع إلى إطلاق أدلة البراءة، فنفس أدلة ايجاب الفحص قاصرة عن الدلالة على المنع، وعليه فلا حاجة إلى أدلة نفي العسر والحرج لنفى أزيد منه، بل مجرد قصور أدلة وجوب الفحص كاف في جواز الرجوع إلى إطلاق أدلة البراءة. والله العالم وهو الموفق.
تفريع:
إذا ترك الفحص وعمل بما يطابق البراءة: فتارة يبحث عن استحقاقه للعقاب، وأخرى عن صحة العمل الذي أتى به وبطلانه.
أما الأول فالتحقيق: أن الحكم الواقعي للعمل إذا كان غير إلزامي فلا تكليف هنا واقعا، ولا معصية، فلا محالة لا يستحق عقاب العصيان، وإن كان مستحقا لعقاب التجري إن قلنا به.
وأما إذا كان الحكم الواقعي حكما إلزاميا: فإن كان عليه دليل معتبر كان يصل إليه لو فحص فهذا الحكم يتنجز عليه بمجرد الاحتمال قبل الفحص لما مر من حصول البيان عليه عند العقلاء، ومن دلالة أدلة وجوب التعلم، مثل قوله (عليه السلام): هلا