الفصل الأول في حجية الظواهر لا ريب في أن ما يفهم من كلام المتكلم ويدل عليه كلامه بمقتضى وضع الألفاظ أو احتفافه بالقرينة حجة في تشخيص مراده، ويحكم عليه أنه مراده، ويكون كلامه طريقا كاشفا عنه، لسيرة العقلاء القطعية عليها واستمرارها في زمن الشارع، والمعلوم عدم طريقة مخترعة للشارع مغايرة لها.
وحيث نحتمل إرادة خلاف الظاهر ولو مع عدم نصب قرينة كما إذا قال:
اغتسل للجمعة - بناء على ظهور الهيأة وضعا في الوجوب - من دون قرينة أصلا فإنا نحتمل أن يريد الاستحباب ولم يذكر القرينة لمصلحة. أو قال: " أوفوا بالعقود "، أو في مقام البيان: " أحل الله البيع " فإنا نحتمل أن لا يريد ثبوت الحكم في بعض الأفراد، ولم ينصب قرينة لمصلحة يراها، فبعد ذلك لا وجه لإرجاع أصل حجية الظواهر إلى أصالة عدم القرينة.
كما لا وجه لإرجاعها إلى أصول مختلفة مثل أصالة الحقيقة أو العموم والإطلاق، فإن ذلك لا يلائم ما عليه ارتكازنا العقلائي الذي لا نرتاب فيه، من أن مرجع الأمر في جميع الموارد إلى أصل واحد، هو: " أن ما هو ظاهر كلام المتكلم فهو مراد له، وكلامه دليل عليه ".
نعم، إن العمدة هو إحراز ما هو ظاهر كلامه بإحراز الألفاظ الصادرة عنه والقرائن المقالية والمقامية المحفوف بها كلامه، وهو في ما يتلقى الكلام عنه بلا