اليقين بدخول الشهر لا يصير قرينة على إرادة ذاك المعنى من اليقين فيه، بل التعبير بقوله (عليه السلام): " اليقين لا يزاحمه الشك " وتفريع الصيام والإفطار عليه، ظاهر في إرادة بقاء حكم اليقين السابق، وهي قاعدة الاستصحاب.
وأضعف منه إرادة إثبات الحمل على ذاك المعنى (1) من طريق أنه لولاه لكان استصحاب بقاء شعبان أو رمضان مثبتا، فإن حكم الاستحباب أو وجوب الصيام مترتب على يوم كان من شعبان أو من رمضان، وهو لا يثبت باستصحاب الشهرين إلا على القول بالمثبت.
إذ فيه: أنه لو سلم ما أفيد فبعد ما كان الحديث ظاهرا في حجية قاعدة الاستصحاب كان اللازم القول بحجية المثبتات له أيضا، لا أن يجعل عدم حجيتها دليلا على بطلان إرادة هذا المعنى. هذا، مضافا إلى أن استصحاب عدم دخول شهر رمضان وشوال كاف في نفي وجوب الصيام والإفطار، ولو نوقش فيه لكان استصحاب عدم وجوب الصيام والإفطار كافيا، كما هو واضح.
فالحق في إنكار الدلالة هو ما عرفت، مضافا إلى أن الحديث غير معتبر السند أيضا.
هذا كله في الروايات العامة المستدل بها على اعتبار قاعدة الاستصحاب مطلقا، وقد ظهر مما مر أن دلالة جميعها وإن لم تكن تامة إلا أن فيها - كصحيح زرارة الأول والثاني - ما هو تام الدلالة، وفيه غنى وكفاية.
وقد ذكروا أخبارا اخر واردة في موارد خاصة قالوا بدلالتها على اعتبار الاستصحاب في تلك الموارد، فأريد إثبات تعميم اعتباره بعدم القول بالفصل.
وأنت تعلم أن مجرد عدم القول بالفصل بل القول بعدم الفصل هنا مما لا قيمة له بعد ما كان من المحتمل جدا استناد القول باعتبار الاستصحاب إلى ما تقدمت من الأدلة، فنحن سلمنا تمامية دلالة جميعها لما كان في القول بعدم الفصل حجة.