(وأما الرواية في أحمد بن حنبل فموضوعة قطعا لأنا قدمنا ان أحمد كان أحفظ الناس للسنة وأشدهم بها إحاطة حتى ثبت انه كان يذاكر تأليف ألف حديث وانه قال: خرجت مسندي من سبعمائة ألف حديث وخمسين ألف حديث، وجعلته حجة بيني وبين الله عز وجل، فما لم تجدوه فيه فليس بشئ) (ثم إن هذا الحديث الذي أورده الشيرازي في مناقب احمد ليس في مسنده، فلو كان صحيحا لكان هو أولى الناس باخراجه والاحتجاج به في محنته التي ضيق الأرض ذكرها).
(فانظر بالله أمرا يحمل الاتباع على وضع الأحاديث في تفضيل أئمتهم وذم بعضهم، وما مبعثه إلا تنافس المذاهب في تفضيل الظواهر ونحوها على رعاية المصالح الواضح بيانها الساطع برهانها، فلو اتفقت كلمتهم بطريق ما لما كان شئ مما ذكرنا عنهم) (واعلم أن من أسباب الخلاف الواقع بين العلماء تعارض الروايات والنصوص، وبعض الناس يزعم أن السبب في ذلك عمر بن الخطاب، وذلك أن أصحابه استأذنوه في تدوين السنة في ذلك الزمان فمنعهم من ذلك وقال: (لا أكتب مع القرآن غيره) مع علمه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اكتبوا لابي شاه خطبة الوداع) وقال: (قيدوا العلم بالكتابة) قالوا: فلو ترك الصحابة يدون كل واحد منهم ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، لانضبطت السنة، ولم يبق بين أحد من الأمة وبين النبي صلى الله عليه وسلم، في كل حديث إلا الصحابي الذي دون روايته، لان تلك الدواوين تتواتر عنهم الينا كما تواتر البخاري ومسلم ونحوهما (1)).