من تعطيل بعضها (1)). ويقول: (ثم إن قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار يقتضي رعاية المصالح إثباتا والمفاسد نفيا إذ الضرر هو المفسدة فإذا نفاها الشرع لزم إثبات النفع الذي هو المصلحة لأنهما نقيضان لا واسطة بينهما (2)).
والذي يرد على هذا الاستدلال:
1 - اعتقاده أن نسبة هذا الحديث إلى الأدلة الأولية هي نسبة المخصص مع أن من شرائط المخصص أن يكون أخص مطلقا من العام ليصح تقديمه عليه، وقد سبق بيان السر في ذلك في بحوث التمهيد وغيرها.
والنسبة هنا بين حديث لا ضرر وأي دليل من الأدلة الأولية، هي نسبة العموم من وجه، فوجوب الوضوء مثلا، بمقتضى إطلاقه شامل لما كان ضرريا وغير ضرري، وأدلة لا ضرر شاملة للوضوء الضرري وغير الوضوء، فالوضوء الضرري مجمع للحكمين معا، ومقتضى القاعدة التعارض بينهما والتساقط، ولا وجه لتقديم أحدهما على الآخر لان نسبة العامين إلى موضع الالتقاء من حيث الظهور نسبة واحدة.
والظاهر أن الطوفي - بحاسته الفقهية - أدرك تقديم هذا الدليل على الأدلة الأولية وإن لم يدرك السر في ذلك.
والسر هو ما سبق ان ذكرناه من حكومة هذا النوع من الأدلة على الأدلة الأولية لما فيه من شرح وبيان لها، فكأنه يقول بلسانه ان ما شرع لكم من الاحكام هو مرفوع عنكم إذا كان ضرريا، فهو ناظر إليها ومضيق لها.