أمتي من إبليس). والحنابلة رووا: (يكون في أمتي رجل يقال له أحمد بن حنبل يسير على سنتي سير الأنبياء) أو كما قال فقد ذهب عني لفظه).
(وقد ذكر أبو الفرج الشيرازي في أول كتابه المنهاج (واعلم أن هذه الأحاديث ما بين صحيح لا يدل، ودال لا يصح. أما الرواية في مالك والشافعي فجيدة لكنها لا تدل على مقصودهم لان عالم المدينة ان كان اسم جنس فعلماء المدينة كثير ولا اختصاص لمالك دونهم، وان كان اسم شخص فمن علماء المدينة الفقهاء السبعة وغيرهم من مشايخ مالك الدين أخذ عنهم وكانوا حينئذ أشهر منه، فلا وجه لتخصيصه بذلك وإنما حمل أصحابه على حمل الحديث عليه كثرة أتباعه وانتشار مذهبه في الأقطار، وذلك إمارة على ما قالوا، وكذلك الأئمة من قريش لا اختصاص للشافعي به، ثم هو محمول على الخلفاء في ذلك، وقد احتج به أبو بكر يوم السقيفة، وكذلك تعلموا من قريش لا اختصاص لاحد به).
(أما قوله: (عالم قريش يملأ الأرض علما) فابن عباس يزاحم الشافعي فيه، فهو أحق به لسبقه وصحبته ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم له في قوله: (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل) فكان يسمى بحر العلم وحبر العرب، وإنما حمل الشافعية الحديث على الشافعي لاشتهار مذهبه وكثرة أتباعه، على أن مذهب ابن عباس مشهور بين العلماء لا ينكر).
(وأما الرواية في أبي حنيفة وأحمد بن حنبل فموضوعة باطلة لا أصل لها، أما حديث (هو سراج أمتي) فأورده ابن الجوزي في الموضوعات، وذكر ان مذهب الشافعي لما اشتهر أراد الحنفية اخماله، فتحدثوا مع مأمون بن أحمد السلمي وأحمد بن عبد الله الخوشاري وكانا كذابين وضاعين، فوضعا هذا الحديث في مدح أبي حنيفة وذم الشافعي، ويأبى الله إلا أن يتم نوره).