ومع الغض عما في نصه هذا من خطابية وتطويل قد لا تكون له حاجة، ان الاختلاف ضرورة لا يمكن دفعها عن البشر، وهو لا يستدعي الصراع والخصام المذهبي ما دام أصحابه يسيرون ضمن نطاق الاجتهاد بموضوعية تامة، وما دامت الأهواء السياسية وغيرها بعيدة عنه.
وهذا النوع من الصراع بين اتباع المذاهب كانت من ورائه دائما عوامل لا ترتبط بالدين.
وكانت السياسة من وراء أكثرها وكثير من هؤلاء المصطرعين لم يكونوا من العلماء المجتهدين، وإنما كانوا مرتزقة باسم الدين لانسداد أبواب الاجتهاد في هذه الفترات التي أرخ لها، وحيث يوجد الغرض والهوى والجهل، ومحاولات الاستغلال من تجار الضمائر والمبادئ توجد التفرقة والصراع، وأمثال هؤلاء المفرقين من العلماء إنما هم دمى بيد السلطة تحركها كيفما تشاء.
وإلا فان العالم الصحيح لا يضره الاختلاف معه في مجالات استنباطه وربما سر لعلمه بقيمة ما يأتي به الصراع من تلاقح فكري، وإنماء وتطور للأفكار التي يؤمن بها.
والعلماء في مختلف المجالات العلمية يختلفون، وما سمعنا خلافا أوجب الصراع فيما بينهم باسم العلم فضلا عن أن يدب الصراع إلى أبناء شعوبهم فيقتتلون، اللهم الا إذا كانت السلطات من ورائه كما هو الشأن في موقف سلطة الكنيسة من بعض العلماء المكتشفين أمثال غاليلو.
والشيعة أنفسهم رأوا طوائف من علمائهم وهم بحكم فتح أبواب الاجتهاد على أنفسهم كانوا يختلفون، وينقد بعضهم آراء البعض الآخر، ومع ذلك كله نرى تقديسهم لعلمائهم يكاد يكون منقطع النظير.
وما استشهد به من الآيات والروايات على المنع من الاختلاف أجنبي عن هذا النوع من الاختلاف الذي يقتضيه البحث الموضوعي، لان المنع