ومحاوراتهم حتى رأيت حنفيا صفف مناقب أبي حنيفة، فافتخر فيها باتباعه، كأبي يوسف ومحمد وابن المبارك ونحوهم، ثم قال: يعرض بباقي المذاهب:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم * إذا جمعتنا يا جرير المجامع وهذا شبيه بدعوى الجاهلية وغيره كثير، وحتى ان المالكية يقولون:
الشافعي غلام مالك، والشافعية يقولون: أحمد بن حنبل غلام الشافعي، والحنابلة يقولون: الشافعي غلام أحمد بن حنبل.
(وقد ذكره أبو الحسن القرافي في الطبقات من اتباع احمد).
(والحنفية يقولون: ان الشافعي غلام أبي حنيفة لأنه غلام محمد بن الحسن، ومحمد غلام أبي حنيفة)، قالوا لولا أن الشافعي من اتباع أبي حنيفة لما رضينا أن ننصب معه الخلاف. وحتى أن الشافعية يطعنون بان أبا حنيفة من الموالي، وانه ليس من أئمة الحديث، وأحوج ذلك الحنفية إلى الطعن في نسب الشافعي وانه ليس قرشيا بل من موالي قريش، ولا إماما في الحديث لان البخاري ومسلما أدركاه ولم يرويا عنه، مع أنهما لم يدركا إماما إلا رويا عنه، حتى احتاج الامام فخر الدين والتميمي في تصنيفيهما مناقب الشافعي إلى الاستدلال على هاشميته، وحتى جعل كل فريق يروي السنة في تفضيل إمامه، فالمالكية رووا: (يوشك أن تضرب أكباد الإبل ولا يوجد أعلم من عالم المدينة). قالوا: وهو مالك، والشافعية رووا: (الأئمة من قريش، تعلموا من قريش ولا تعلموها)، أو (عالم قريش ملأ الأرض علما)، قالوا: ولم يظهر من قريش بهذه الصفة إلا الشافعي والحنفية، رووا: (يكون في أمتي رجل يقال له النعمان هو سراج أمتي، ويكون فيهم رجل يقال له محمد بن إدريس هو أضر على