الخلف على اختلاف في معنى العلة سبق عرضه.
أما أن يحكم لمجرد ظنه بالعلة وتوفرها في الفرع فهذا ما لا يلزم به العقل أصلا.
نعم إذا ظن العقل بوجود العلة فقد ظن بوجود الحكم إلا أن مثل هذا الظن لا دليل على حجيته، ما دامت طريقيته ليست ذاتية، وحجيته ليست عقلية، كما مرت البرهنة على ذلك في بحوث التمهيد تفصيلا.
2 - ما ذكره الشهرستاني من أنا (نعلم قطعا ويقينا أن الحوادث والوقائع في العبادات والتصرفات مما لا يقبل الحصر والعد، ونعلم قطعا انه لم يرد في كل حادثة نص ولا يتصور ذلك أيضا، والنصوص إذا كانت متناهية وما لا يتناهى لا يضبطه ما يتناهى علم قطعا، ان الاجتهاد والقياس واجب الاعتبار حتى يكون بصدد كل حادثة اجتهاد (1)).
وهذا الاستدلال يبتني في تماميته على مقدمتين:
الأولى: دعوى تناهي النصوص وعدم تناهي الحوادث.
الثانية: دعوى أن ما يتناهى لا يضبط ما لا يتناهى.
والدعوى الأولى ليست موضعا لشك ولا شبهة ليطال فيها الكلام، فالنصوص بالوجدان متناهية، والحوادث بالوجدان أيضا غير متناهية.
ولكن الكلام في تمامية الدعوى الثانية وهي دعوى أن ما يتناهى لا يضبط ما لا يتناهى.
وذلك أن الذي لا يتناهى هي الجزئيات لا المفاهيم الكلية والجزئيات يمكن ضبطها - بواسطة كلياتها - وقضايا الشريعة انما تتعرض للمفاهيم الكلية غالبا، وهي كافية في ضبط جزئيات ما يجد من أحداث وبخاصة