الأمور المحسوسة بعضها على بعض، فتعميمها إلى الأمور الشرعية موقوف على السبر والتقسيم أو غيره فيلزم الدور، وقول خلاف: إنها تدل على أن النظير ونظيره يتساويان، غير صحيح على إطلاقه، إذ غاية ما تدل عليه هي: مساواة النظير للنظير في الأمور التكوينية، فتعميمها للغير لا يتم إلا بضرب من القياس الظني.
4 - قوله تعالى: (فجزاء مثل ما قتل من النعم (1))، وهي التي استدل بها الشافعي على حجيته حيث قال: (فهذا تمثيل الشئ بعدله وقال يحكم به ذوا عدل منكم، وأوجب المثل، ولم يقل أي مثل، فوكل ذلك إلى اجتهادنا ورأينا، وأمر بالتوجه إلى القبلة بالاستدلال، وقال:
وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره (2). انتهى (3)).
والجواب: أن الشارع وان ترك لنا أمر تشخيص الموضوعات، إلا أنه على وفق ما جعل لها الشارع أو العقل من الطرق، وكون القياس الظني من هذه الطرق كالبينة هو موضع الخلاف، والآية أجنبية عن إثباته.
ثم إن عد تشخيص صغريات الموضوع أو المتعلق من القياس لو أراد الشافعي ذلك في كلامه، لا يعرف له وجه، لان القياس بجميع تعاريفه لا ينطبق عليه فتشخيص ان هذا مثل أو ان هذه قبلة بالطرق الاجتهادية انما هو من تحقيق المناط بمعناه الأول، وقد قلنا: انه ليس بقياس بالبرهان الذي سبق أن ذكرناه.
5 - قوله تعالى: (ان الله يأمر بالعدل والاحسان (4))، وقد استدل بها ابن تيمية على القياس بتقريب (ان العدل هو التسوية، والقياس هو