الفردية أو الاجتماعية مع غفلة أو تغافل عن بقية الجوانب، وقصور عن استيعاب النظرة وشمولها، كل ذلك مما أوقعه بهذه التناقضات.
ومن هنا كان احتياج الانسان إلى من يضمن له العدل في تشريعاته على أن تستوعب مختلف ابعاده المتشابكة، سواء ما يتصل منها بتحديد علائق الفرد بربه، أم بنفسه، أم بمجتمعه، أم المجتمعات بعضها ببعض.
وبالطبع لا يمكن أن يضمن ذلك غير خالق الانسان، لان خالق الشئ أخبر بمخلوقاته، وأعرف من غيره بمتطلبات حياتها.
فالاحكام - كما يقول العدلية بل جميع المسلمين على اختلاف في منشأ القول ومبناه - وليدة مصالح ومفاسد في المتعلقات والعقول لو استشرفتها واطلعت على واقعها لأقرتها حتما.
ولكن قصورها عن ذلك الادراك وتطفلها على ما لا تحسن القول فيه، هو الذي أوقع بعض أربابها في كثير من المفارقات.
ومن هنا ورد عن أهل البيت (عليهم السلام) أن دين الله لا يصاب بالعقول، أي ما ثبت أنه من الدين لا يمكن للعقول أن تدرك فلسفته ككل لقصور إمكاناتها عنها في مجالات الادراك.
ولكن هذا لا يمنع، من أن يدرك العقل شيئا - على سبيل الموجبة الجزئية - ومن إدراكه يدرك حكم الشارع فيه إذا كان إدراكه على سبيل القطع.
وإذا تمت هذه التمهيدات اتضح عدم الوجه في دعوى التلازم بين المقدم والتالي في قولهم: (لو لم يكن الحسن والقبح في الأفعال بحكم الشارع نفسه وكان بحكم العقل، لاستحق تارك الحسن وفاعل القبح قبل بعثة الرسول العقاب).