والظاهر أن لفظة التقيد التي ورد مضمونها في تعبيره هي التي أوهمته ببطلان اللازم.
وربما كان الوجه في ذلك شعوره أن طبيعة التقيد تنافي الاختيار فيمن تنسب إليه لانطوائها على ضرورة السير وفق ما تقيد به وفي نسبة عدم الاختيار إليه تعالى قبح ينزه عنه.
والحقيقة أن لفظة التقييد لم ترد على لسان العدلية - في حدود ما قرأت من كلماتهم - وإنما ورد ما يعطي نتيجتها، وهو السير على وفق المعقول واستحالة تخطي الشارع له.
وهذا النوع من السير والسلوك لا ينافي طبيعة الاختيار في صاحبه، فالعاقل السوي مثلا لا يقدم على التضحية جزافا وهو مختار، وإحجامه عنها لا ينافي اختياره بل هو بنفسه اختار ذلك الاحجام.
وبما أن الله عز وجل - وهو خالق العقل وواهبه القدرة - بل هو العقل المحض - لو صح هذا التعبير - فسيره على وفق مخططه هو الذي يقتضيه اختياره، وليس من الممكن بالنسبة إليه اختيار المرجوح وترك الراجح، بل ليس من الممكن لاي عاقل مهما كان شأنه ان يختار المرجوح وهو سليم معافى - فكيف بخالق العقل ومدبره -؟
فالالتزام بتقيده في تشريعاته على وفق العقل إن أريد به التقيد السالب للاختيار فليس بصحيح وهو - تعالى - مما ينزه عنه، وإن أريد نتيجة التقيد وهو ما يقتضيه عمل العاقل المختار، فليس فيه أي محذور.
4 - قولهم: (لو لم يكن الحسن والقبح في الأفعال بحكم الشارع نفسه، وكان بحكم العقل، لاستحق تارك الحسن وفاعل القبح قبل بعثة