الشئ مما ينبغي صدوره أو لا ينبغي من الفاعل كما سبقت الإشارة إليه.
2 - ما استدل به الماتريدية على ذلك من: (ان الحسن والقبح لو كانا شرعيين، ولم يكن ذلك وصفا في الفعل، لكانت الصلاة والصوم والزنا والسرقة وغير ذلك أمورا متساوية قبل ورود الشرع فجعل الشارع بعضها مأمورا به، والآخر منهيا عنه ترجيح لاحد المتساويين دون مرجح (1))، وقالوا (إنهما لو كانا شرعيين لكانت بعثة الرسل والأديان بلاء على الناس ومثار نزاع، وسببا في المتاعب والمشاق والصد عن بعض الأمور والالزام بالأخرى وترتب الثواب والعقاب على ذلك. وقد كان الناس قبلها في حرية مطلقة، يفعلون ما يرغبون في فعله ويحجمون عما لا يشتهون دون مخافة عقاب أو ترتب ثواب، وكون بعثة الرسل ضارة بالناس باطل منقوض. بقول الله تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين (2)).
ولكن هذا النوع من الاستدلال - بعد الغض عما يوهمه من الخلط بين أقسام الحسن والقبح - لا يتم إلا إذا افترض المفروغية عن أن فساد الرسالات أو الاحكام أو كونها ضارة بالناس، وليست رحمة لهم، والكذب وأمثالها مما لا ينبغي صدوره منه بحكم العقل وإلا فلا يبطل اللازم بداهة. ولعل محاولة اثبات ذلك بهذه الأدلة لا يخلو من شبهة الدور.
نعم، هذه الأدلة إنما تصلح لالزام الأشاعرة ببطلان ما انتهوا إليه من المبنى في اعتبار الحسن والقبح شرعيين لبطلان اللوازم الفاسدة التي تترتب عليها، لا في اثبات أصل المبنى لدى المعتزلة، ولعلها سيقت لهذا الغرض كما هو غير بعيد.