(حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما، أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما من حكم أو صفة (1)) يقول في المحصول: (واختاره جمهور المحققين منا (2)) وقريب منه ما عرفه به الغزالي (3).
وقد سجلت على هذا التعريف عدة مفارقات، لعل أهمها ما أورده الآمدي عليه من لزوم الدور (لان الحكم في الفرع نفيا وإثباتا متفرع على القياس إجماعا، وليس هو ركنا في القياس، لان نتيجة الدليل لا تكون في الدليل لما فيه من الدور الممتنع (4)).
وتقريب الدور، هو أن إثبات الحكم للفرع موقوف على ثبوت القياس، وثبوت القياس موقوف على تمام كل ما اعتبر فيه، ومنه إثبات الحكم للفرع، فهو إذن موقوف على إثبات الحكم للفرع، ومع اسقاط المتكرر تكون النتيجة هي أن إثبات الحكم للفرع موقوف على إثبات الحكم للفرع، على أن هذا التعريف مشعر بأن إثبات حكم الأصل إنما هو من نتائج القياس مع أن القياس لا يتكفل أكثر من إثبات حكم الفرع، والمفروض فيه هو المفروغية عن معرفة حكم الأصل، إذ هي من متممات الدليل إلى إثبات الحكم في الفرع كما هو واضح.
ولهذا السبب وغيره، عدل كل من الآمدي وابن الهمام عن ذلك التعريف إلى تعاريف أبعد عن المؤاخذات، فقد عرفه الآمدي بأنه عبارة (عن الاستواء بين الفرع والأصل في العلة المستنبطة من حكم الأصل (5))، وتعريف ابن الهمام له (هو مساواة محل لآخر في علة حكم له شرعي لا تدرك بمجرد فهم اللغة (6)).