من ملاحظة الوقايع المتعددة منضما بعضها إلى بعض في تعلق التكليف بها حتى يتمكن المكلف من مخالفة التكليف بتبعيض الوقايع واختياره في البعض ما يخالف اختياره في الآخر. وكل من الأمرين اللذين يبتنى على أحدهما التخيير البدوي محل منع، فلا محيص من التخيير الاستمراري وإن حصل العلم بالمخالفة، فتأمل جيدا.
الأمر الخامس:
لو دار أمر الشئ بين كونه شرطا للعبادة أو مانع عنها أو دار الأمر بين الضدين - كما إذا دار الأمر في القراءة بين وجوب الجهر بها أو وجوب الإخفات - فالأمر وإن كان يدور بين المحذورين بالنسبة إلى العبادة الواحدة، فإنه لا يمكن أن تكون العبادة الواحدة واجدة للشئ وفاقدة له فيما إذا تردد بين كونه شرطا لها أو مانع عنها، وكذا لا يمكن أن تكون القراءة الواحدة جهرية وإخفاتية، إلا أنه حيث يتمكن المكلف من الموافقة القطعية - ولو بتكرار الصلاة تارة مع ما يحتمل كونه شرطا وأخرى بدون ذلك، أو بتكرار القراءة فقط بقصد القربة المطلقة - فلا محالة يجب الاحتياط بتكرار العمل أو الجزء، فلا يندرج في باب دوران الأمر بين المحذورين.
هذا تمام الكلام في " الجزء الثالث " من الكتاب، ويتلوه " الجزء الرابع " إن شاء الله تعالى.
والحمد الله أولا وآخرا والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطبين الطاهرين واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين وقد وقع الفراغ من تسويده ليلة الأربعاء التاسعة والعشرين من شهر شوال المكرم سنة ألف وثلاثمأة واثنين وأربعين