الإجمالي كعدمه لا أثر له ولا يقتضى التنجيز، فوجود المزية أيضا كعدمها (1) فان المزية إنما توجب الأخذ بصاحبها بعد الفراغ من تنجز التكليف ولزوم رعايته وامتثاله، والتكليف في دوران الأمر بين المحذورين غير لازم الرعاية.
ثم على تقدير كون المزية توجب تعين الأخذ بصاحبها، فهل نفس احتمال الحرمة يكفي في ترجيح جانبها على احتمال الوجوب فيتعين ترك الفعل وترتيب آثار الحرمة عليه؟ أو أن مجرد كون طرف احتمال الوجوب هو احتمال الحرمة لا يكفي في ترجيح جانب الحرمة ما لم تكن الحرمة من حيث الاحتمال أو المحتمل أقوى من الوجوب؟
فقد قيل: إن مجرد كون طرف احتمال الوجوب هو احتمال الحرمة يكفي في ترجيح جانب الحرمة، بدعوى: أن في احتمال الحرمة احتمال المفسدة وفي احتمال الوجوب احتمال النفع، ودفع المفسدة المحتملة أولى من جلب النفع المحتمل، كما أن دفع المفسدة المتيقنة أولى من جلب المنفعة المتيقنة، وعلى ذلك يبتنى القول بتغليب جانب الحرمة على جانب الوجوب في مسألة اجتماع الأمر والنهى.
وفيه أولا: أن المنافع والمفاسد تختلف بحسب القلة والكثرة، فرب نفع يكون جلبه أولى من دفع المفسدة، وعلى فرض التساوي من حيث القلة والكثرة لم يقم برهان على أن دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة، ولم يظهر من طريقة العقلاء أن بنائهم على ذلك.
وثانيا: أن دعوى أنه ليس في الواجبات إلا جلب المنافع فلا يكون في تركها مفسدة بل مجرد فوات النفع، ممنوعة، فلم لا يكون في ترك الواجب مفسدة كفعل الحرام؟.