رأسا لتصل النوبة إلى الإطاعة الظنية (1) وإلا كان اللازم هو الاحتياط ولو في المظنونات إذا كان الاحتياط في المشكوكات والموهومات موجبا للعسر والحرج.
والعمل بالمظنونات من باب التبعيض في الاحتياط غير الإطاعة الظنية، إذ لا ملازمة بينهما - على ما سيأتي بيانه - فما لم يثبت بطلان الاحتياط كلا وبعضا في المقدمة الثالثة لا تصل النوبة إلى المقدمة الرابعة لأخذ النتيجة كشفا أو حكومة.
وقد عرفت: أن بطلان الاحتياط كلا وبعضا يتوقف على قيام الإجماع على أحد الوجهين السابقين: أحدهما قيامه على أن بناء الشريعة ليس على الإتيان بالتكاليف على سبيل الاحتمال. ثانيهما: قيامه على اعتبار الأصول النافية للتكليف في المشكوكات ليرجع إلى جعل حجة كافية في المسائل، فإنه لولا قيام الإجماع بأحد الوجهين كان المتعين هو التبعيض في الاحتياط، ومفاد هذا الإجماع - بكلا وجهيه - ليس هو إلا الكشف.
والحاصل: أن العمل بالمظنونات من باب الاحتياط ليس من الكشف والحكومة، بل هو من التبعيض في الاحتياط، فان الكشف معناه:
حجية الظن شرعا وجعله مثبتا ومحرزا لمتعلقه لا مجرد العمل بالظن. والحكومة عبارة عن الامتثال الظني والظن بالخروج عن عهدة ما اشتغلت الذمة به من التكاليف، وهو قد يحصل من العمل بالمظنونات وقد لا يحصل.