الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي، وإما في الشبهات البدوية إذا أخل العبد بما تقتضيه وظيفته بترك الفحص والسؤال عن مرادات المولى واعتمد على الشك، فان مثل هذا العبد يستحق العقاب والعتاب إذا صادف فوت مراد المولى.
ويشهد لذلك الطريقة المألوفة بين الموالى والعبيد العرفية، فإنه لكل من المولى والعبد وظيفة تخصه، أما وظيفة المولى: فهي أن يكون بيان مراده على وجه يمكن وصول العبد إليها إذا لم يتوسط في البين ما يمنع عن ذلك من تقصير الوسائط في التبليغ ونحو ذلك. وأما وظيفة العبد: فهي الفحص والسؤال عن مرادات المولى في مظان وجودها، فعند إخلال العبد بوظيفته يستحق العقاب ويكون مورد حكم العقل بلزوم دفع الضرر المحتمل.
وبما ذكرنا من الضابط في حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان مع حكمه بلزوم دفع الضرر المحتمل يظهر: أنه لا يكاد يتحقق الشك في مورد أنه من موارد قبح العقاب بلا بيان أو من موارد دفع الضرر المحتمل؟ إلا إذا قلنا: إن المراد من البيان في " قاعدة قبح العقاب بلا بيان " هو البيان الواقعي، فإنه يمكن حينئذ فرض الشك في ذلك، ولابد من التحرز عن المشكوك، لأن احتمال الضرر فيه وجداني والشك في جريان البراءة فيه، فتأمل جيدا.
الأمر الثاني: قد تقدم في بعض المباحث السابقة أن ملاكات الأحكام تختلف من حيث الأهمية، فقد يكون الملاك بمثابة من الأهمية في نظر الشارع، بحيث يقتضى تحريم جملة من المحللات ظاهرا، لإحراز الملاك والتحفظ عليه، وقد لا يكون الملاك بتلك المثابة من الأهمية، وطريق استكشاف أن ملاك الحكم من أي قبيل إنما يكون بجعل المتمم، فإنه لابد للشارع من جعل المتمم إذا كان الملاك مما يجب رعايته، إذ لا طريق للعباد إلى إحراز كون الملاك بتلك المثابة من الأهمية حتى يجب عليهم التحرز عن فوته في موارد الشك، فلو كان الملاك ثبوتا مما يلزم رعايته فعلى الشارع بيان ذلك بجعل