يتوقف وجوده الواقعي وجعله النفس الأمري على العلم به، ولكن الآثار المرغوبة من الحكم الظاهري: من كونه منجزا للواقع عند الإصابة وعذرا عند المخالفة، لا تكاد تترتب مع الجهل به موضوعا أو حكما، فان الحكم الظاهري ليس أمرا مقابلا للحكم الواقعي - كما تقدم بيانه في باب جعل الطرق والأمارات - بل الوجه في كون الشئ حكما ظاهريا إنما هو لمكان أنه موصل إلى الواقع، وهذا كما ترى ما لم يكن الطريق محرزا لدى المكلف لا يكون موصلا إليه، لوضوح أن وجود الرواية في الكتب من دون العلم بها تفصيلا لا تكون منجزة للواقع، لأن الواقع بعد باق على ما كان عليه من الجهل به.
وكذا مع العلم بالرواية تفصيلا والجهل بظهورها أو جهة صدورها أو إرادة ظهورها، فان الجهل بأي من هذه الجهات يضر بحجية الرواية - أي بالآثار المرغوبة منها - لأن الجهل بأي منها يقتضى الجهل بالواقع فلا يكون محرزا لدى المكلف، وما لم يكن محرزا لا يكون منجزا، فلا بد من العلم بالرواية صدورا وظهورا لتجري الأصول العقلائية واللفظية في جهة الصدور وإرادة الظهور، لتكون الرواية حكما ظاهريا منجزة للواقع عند الإصابة وعذرا عند المخالفة.
وهذا المعنى لا يكاد يتحقق في العلم الإجمالي بصدور جملة من الأخبار المودعة في الكتب، لعدم العلم بظهور ما هو الصادر منها لتجري فيه الأصول العقلائية (1) فلا يمكن أن يترتب على الصادر من الأخبار ما للحكم الظاهري من الآثار، فيبقى العلم الإجمالي بالتكاليف الواقعية بين الأخبار والأمارات الظنية على حاله، ولابد من ترتيب مقدمات الانسداد الكبير بالنسبة