بالإجمال من التكاليف، ومجرد الترخيص في ترك العمل بما عدا مظنون الصدور من الأخبار لا يقتضى عدم الانحلال، لأن عدم ايجاب الشارع الجمع بين جميع الأخبار في العمل لا يضر بالانحلال.
قلت: قد عرفت أن الترخيص في ترك العمل ببعض الأخبار يوجب نقصا في الأحكام الظاهرية، للعلم بأن بعض الأحكام الظاهرية تكون في الأخبار التي رخص في ترك العمل بها، لأن مظنون الصدور من الأخبار ليس بقدر التكاليف الواقعية، فلا يبقى مجال للإنحلال.
مثلا لو علم إجمالا بأن في القطيع من الغنم موطوء وأقله عشرون ويحتمل أن يكون أزيد، وقام الدليل على أن في البيض من القطيع عشرين موطوء، وكان عدد البيض يزيد عن مقدار عدد المعلوم بالإجمال في مجموع القطيع، ففي هذا لا إشكال في انحلال العلم الإجمالي المتعلق بمجموع القطيع بقيام الدليل على وجود عشرين موطوء في البيض، لإن المعلوم بالإجمال في المجموع محتمل الانطباق على ما في البيض.
ولكن لو لم يجب الاجتناب عن بعض أفراد البيض للعسر والحرج والاضطرار وكان الذي يجب الاجتناب عنه أقل عددا من المعلوم بالإجمال في مجموع القطيع، فالعلم الإجمالي المتعلق بالمجموع لا ينحل، لأن الاضطرار إلى بعض أطراف المعلوم بالإجمال وإن كان يوجب التوسط في التنجيز - على ما سيأتي بيانه في محله - بحيث لو كان الموطوء في الأفراد التي لا يجب الاجتناب عنها للاضطرار كان التكليف بالاجتناب عن الموطوء غير منجز، إلا أن هذا إذا لم يلزم عن عدم الاجتناب عن بعض أفراد البيض محذور المخالفة القطعية للتكليف بالاجتناب عن الموطوء من الغنم في القطيع، وإلا عاد العلم الإجمالي في المجموع على حاله ولابد من علاجه، لأن عدد المعلوم بالإجمال فيه يزيد عن عدد ما يجتنب عنه من أفراد البيض، فلا يبقى أثر لقيام الدليل على وجود الموطوء في البيض بقدر المتيقن من المعلوم بالإجمال في المجموع من البيض ومن