فيها مقدمات الانسداد الصغير.
وتوضيح ذلك: هو أن بعض هذه الجهات مما يتوقف عليها العلم بأصل الحكم - كجهة الصدور - فإنه لولا إثبات صدور الرواية لا يكاد يحصل العلم بالحكم لا بجنسه ولا بفصله موضوعا ومتعلقا، ففي مثل ذلك لابد إما من قيام الدليل على الصدور، وإما من جريان مقدمات الانسداد الكبير بالنسبة إلى أصل الأحكام. وبعضها الآخر مما لا يتوقف عليها العلم بأصل الحكم بل كان لها دخل في تشخيص الحكم وتعيينه من حيث الموضوع أو المتعلق كالظهور - فان العلم بأصل الحكم لا يتوقف على العلم بالظهور عند العلم بالصدور وجهة الصدور وإرادة الظهور، بل تشخيص الحكم يتوقف على ذلك إذا كان الإجمال في ناحية الموضوع أو المتعلق، مثلا في قوله تعالى: " فتيمموا صعيدا طيبا " متعلق الجهل هو خصوص " الصعيد " من أجل تردده بين مطلق وجه الأرض أو خصوص التراب الخالص، والجهل بمعنى " الصعيد " لا يضر العلم بأصل الحكم، لأن المكلف يعلم بأنه مكلف بما تضمنته الآية الشريفة من الحكم، ففي هذه الجهة إن لم يقم دليل بالخصوص على حجية قول اللغوي في تعيين معنى " الصعيد " تجرى فيها مقدمات الانسداد الصغير، ولا تصل النوبة إلى مقدمات الانسداد الكبير، لأنها إنما تجرى بالنسبة إلى نفس الحكم، والمفروض حصول العلم بالحكم في مورد الكلام.
فلابد من جريان مقدمات الانسداد الصغير لإثبات حجية مطلق الظن الجهة التي انسد باب العلم فيها.
وكان شيخنا الأستاذ (مد ظله) في الدورة السابقة يميل إلى هذا التفصيل، بل كان يقويه، وعليه بنى حجية الظن الحاصل من قول اللغوي في تعيين مداليل الألفاظ بعد ما كان يمنع عنه، كما تقدم بيانه.
وعلى كل حال: المقصود من الوجه الأول (من وجوه تقرير حكم العقل بحجية الخبر الواحد) هو إجراء مقدمات الانسداد بالنسبة إلى خصوص