موجود، والذي فيه عين ما ذكر الرضا (عليه السلام) في كتاب الفقه الرضوي، وإن فرق بعض ألفاظه عن بعض إلا أن المرجع إلى أمر واحد، وهذه صورة ما فيه:
واعلم أن أولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن، وهو أقرب الأجلين، وإذا وضعت أو أسقطت يوم طلقها أو بعده متى كان فقد بانت منه فلا تحل للأزواج حتى تضع، فإن راجعها قبل أن تضع ما في بطنها أو يمضي لها ثلاثة أشهر ثم أراد طلاقها فليس له حتى تضع ما في بطنها ثم تطهر ويطلقها، وسئل الصادق (عليه السلام) عن المرأة الحامل يطلقها زوجها ثم يراجعها ثم يطلقها الثالثة، فقال: قد بانت منه، ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، وطلاق الحامل واحدة وعدتها أقرب الأجلين، انتهى.
وأنت خبير بأن المفهوم منه هو ما نقلناه عن كتاب الفقه، فإنه أفتى فيه بكون طلاق الحامل واحدة وعدتها أقرب الأجلين، وهو وضع الحمل كما هو مذهبه في المسألة، وأفتى بناء على ذلك بأنه لو راجعها قبل مضي العدة وهي ثلاثة أشهر أو وضع الحمل فإنه ليس طلاقها إلا بعد وضع الحمل، وهو ظاهر بل صريح في أنه لا يجوز له طلاقها ثانيا ما دامت حاملا، ثم نقل عن الصادق (عليه السلام) مضمون ما دلت عليه موثقتا عمار المتقدمتان من جواز الزيادة على طلقة واحدة، وفي نسبة ذلك إلى الرواية مع إفتائه بخلافه ما يدل على اختلاف الرواية يومئذ عندهم، ولكن الراجح عنده ما أفتى به اعتمادا على الكتاب الذي أفتى بعبارته، ومثله كثير قد قدمنا التنبيه عليه، سيما في كتب العبادات من اعتماد الصدوقين على الكتاب المذكور والافتاء بعبائره في مقابلة الأخبار الصحيحة الصريحة المتكاثرة الدالة على خلاف ذلك.
ومما شرحناه يظهر لك أن مستند الصدوقين فيما ذهبا إليه إنما هو كتاب الفقه الرضوي كما عرفته في غير موضع مما تقدم من الكتب السابقة، وأن مذهب الصدوقين هو ما يظهر من السيد السند التعويل عليه، وليته كان حيا فأهديه إليه.