الأولى دون الثانية.
والذي ظهر لي بعد إمعان النظر في المقام ومراجعة أخبارهم (عليهم السلام) هو عدم جواز الدخول في هذه الأمور والحال هذه.
وبيان ذلك: إن ظاهر الآية والأخبار الدالة على النهي عن قبول خبر الفاسق، والنهي عن الصلاة خلفه إنما هو من حيث الفسق، لأن التعليق على على الوصف مشعر بالعلية، وهو مشعر بأن الفاسق ليس أهلا لهذا المقام، ولا صالحا لتقلد هذه الأحكام، وإذا كان الشارع لم يره أهلا لذلك، ولا صالحا لسلوك هذه المسالك لمنع الناس من الاقتداء به وقبول خبره ونحو ذلك، فهو في معنى منعه له من ذلك، فإدخاله نفسه فيما لم يره الله عز وجل أهلا له موجب لمخالفته عز وجل والتعرض لسخطه. وجواز اقتداء الناس به من حيث عدم ظهور فسقه لهم لا يدل على جواز الدخول له، لأن حكم الناس في ذلك غير حكمه هو في حد ذاته، والكلام إنما في الثاني، وأحدهما لا يستلزم الآخر بوجه، نظير ذلك في الأحكام غير عزيز، فإن لحم الميتة محرم على العالم به، وحلال بالنسبة إلى الجاهل به.
ويؤيد ما قلناه ظواهر جملة من الأخبار مثل صحيحة أبي بصير (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) " قال: خمسة لا يؤمون الناس على كل حال: المجنون والأبرص والمجذوم وولد الزنا والأعرابي " ونحوها صحيحة محمد بن مسلم (2) عن أبي جعفر (عليهما السلام).
والتقريب فيهما أنهما إنما قد صرحا بتوجه النهي إلى هؤلاء عن الإمامة لأنهم ليسوا من أهلها باعتبار ما هي عليه من العيوب المذكورة المانعة من أهلية الإمامة، وبعض الأخبار وإن ورد أيضا في نهي الناس عن الائتمام بهم، إلا أن