النهي إنما توجه إلى المؤتمين.
وأما في هذين الخبرين الصحيحين فإنه إنما توجه إلى الإمام بأن لا يكون من أحد هؤلاء، فلو فرضنا عدم علم الناس بما هم عليه من هذه الصفات المانعة من الإمامة مع اعتقاد الناس فيهم العدالة، فإنه يجوز للناس الاقتداء بهم بالتقريب المتقدم، لكن بمقتضى هذين الخبرين لا يجوز لهم الإمامة لما هم عليه من الموانع المذكورة وإن خفيت على الناس، وهذا بعينه جار في الفاسق الذي هو محل البحث بأن كان عالما بفسق نفسه وإن خفي على الناس، ومما يؤيد ذلك قول أمير المؤمنين (عليه السلام) لشريح: يا شريح جلست مجلسا لا يجلسه إلا نبي أو وصي نبي أو شقي، ونحوه.
والتقريب فيها هو ظهورها في النهي عمن لم يكن مستكملا لأسباب النيابة وشرائطها، وأهلية الحكم والفتوى، ولا ريب أن أعظم الأسباب المانعة الفسق، فهي ظاهرة في منع الفاسق من الجلوس في هذا المقام وإن كان ظاهر العدالة بين الأنام، وعدم جواز تقلده الأحكام. وجواز تقليد الناس له من حيث عدم ظهور فسقه لهم لا يدل على جوازه له، لأنه عالم بأن الشارع قد منع الناس عن اتباع الفاسق وتقليده، وليس إلا من حيث فسقه، فالفسق صفة مانعة من تقلد هذه الأمور، وكلام من قدمنا كلامه وإن كان مخصوصا بالشهادة أو مع الإمامة، إلا أن المواضع الثلاثة واحد، فإن مبنى الكلام هو أنه هل يكتفي بظهور العدالة في جواز التقلد لهذه الأمور المشروطة بها وإن لم يكن كذلك واقعا؟ أم لا بد من ثبوتها واقعا؟ فالكلام جار في جميع ما يشترط فيه العدالة، وهذا أحدها.
ومما يؤيد ما ذكرناه بأوضح تأييد هو أن الظاهر المتبادر من الآية والأخبار المصرح فيها بالعدالة واشتراطها في الشاهد مثل قوله عز وجل " وأشهدوا