قبول شهادة الفاسق والظالم، وأي فسق وظلم أظهر من الخروج من الايمان والاصرار على ذلك، لاعتقاد الفاسد المترتب عليه ما لا يخفى من المفاسد.
وأما ما أجاب به المحدث الكاشاني في المفاتيح - تبعا لصاحب المسالك من أن الفسق إنما يتحقق بفعل المعصية، مع اعتقاد كونها معصية لا مع اعتقاد كونها طاعة، والظلم إنما يتحقق بمعاندة الحق مع العلم به - فهو مردود بأنه لو تم هذا الكلام المنحل الزمام المموه الفاسد الناشئ عن عدم إعطاء التأمل حقه في هذه المقاصد لاقتضى قيام العذر للمخالفين وعدم استحقاق العذاب في الآخرة، ولا أظن هؤلاء القائلين يلتزمونه.
وذلك فإن المكلف إذا بذل جهده وجده في تحصيل الحق وأتعب الفكر والنظر في ذلك وأداه نظره إلى ما كان باطلا في الواقع لعروض الشبهة له فلا ريب في أنه يكون معذورا عقلا ونقلا، لعدم تقصيره في السعي في طلب الحق وتحصيله، وامتثال ما أمر به، وكذا يقوم العذر لمنكري النبوات من أهل الملل والأديان، وهذا في البطلان أظهر من أن يحتاج إلى التبيان.
وبالجملة فإنه إن كان في هذا الاعتقاد الذي جعله طاعة، وعدم العلم الذي ذكره إنما نشأ عن بحث ونظر، فإنه يقوم بهما العذر شرعا عند الله عز وجل، فلا مناص عما ذكرناه، وإلا فلا معنى لكلامه بالكلية، كما هو الظاهر لكل ذي عقل وروية.
الثالث: أنه قد استفاضت الروايات والأخبار عن الأئمة الأبرار (عليهم السلام) كما بسطنا الكلام على ذلك في كتابنا " الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب " وما يترتب عليه من المطالب بكفر المخالفين وشركهم ونصبهم ونجاستهم، وأن الكلب واليهودي خير منهم، وهذا مما لا يجامع مع الحكم بالاسلام البتة فضلا عن العدالة، ودلت أيضا على أنهم ليسوا من الحنيفية على شئ، وأنهم ليسوا إلا مثل الجدر المنصوبة، وأنه لم يبق في يدهم إلا مجرد استقبال القبلة، واستفاضت