ذوي عدل منكم " وقوله (عليه السلام) (1) يطلقها بحضور عدلين أو إذا شهدا عدلين ونحو ذلك هو اتصاف الشاهد بالعدالة في حد نفسه وذاته، ولا بالنظر إلى غيره، إذ لا يخفى أن قولنا فلان عدل وفلان ثقة مثل قولنا فلان عالم وشجاع وجواد ونحو ذلك، ومن المعلوم في جميع ذلك إنما هو اتصافه بهذه الصفات في حد ذاته، غاية الأمر أنه قد يطابق علم المكلف والواقع في ذلك، وقد يختلفان، بأن يكون كذلك في نظر المكلف، وإن لم يكن واقعا، وحينئذ فيلزم كلا حكمه، فيلزم من اعتقد عدالته جواز الاقتداء به مثلا وقبول شهادته، ويلزمه هو عدم جواز الدخول في ذلك، كذا يلزم من اطلع على فسقه عدم جواز الاقتداء به.
وعلى هذا فإذا كان المراد من الآية والأخبار المشار إليها إنما هو اتصافه في حد ذاته، فكيف يجعل المناط الاتصاف بالعدالة باعتبار الغير كما توهموه وبنوا عليه ما بنوا من الفروع المذكورة؟ ولا ريب أنه متى كان كذلك إنما هو بالنسبة إليه في حد ذاته، فإنه لا يجوز له الدخول فيما هو مشروط بالعدالة البتة.
وبذلك يظهر ما في كلام صاحب المسالك ومن تبعه من الوهن والقصور ولا سيما في فرضه الثاني، وهو ما إذا علم الزوج فسقهما فطلق بحضورهما مع ظهور عدالتهما بين الناس، فإنه أوهن من بيت العنكبوت وأنه لأوهن البيوت، ومقتضى تجويزه الطلاق هنا جواز اقتداء من علم فسق الإمام به في الصلاة، لظهور عدالته بين الناس، وهكذا قبول فتواه وأحكامه، والكل في البطلان أوضح من أن يحتاج إلى بيان، وبالجملة فالطلاق في الصورتين المفروضتين مما لا إشكال في بطلانه ولا سيما الثانية.
المسألة الثالثة: قال المحقق - رحمة الله عليه - في الشرائع: فلو شهد أحدهما