من النفع والضر كما ينادي به الخبر النبوي (1) " لا خير بخير بعده النار، ولا شر بشر بعده الجنة ".
إذا عرفت ذلك فاعلم أن الذي ظهر لي في معنى الخبرين المذكورين أنهما إنما خرجا مخرج التقية.
وتوضيح ذلك: إنه قد ظهر بما قدمناه من الوجوه أن المخالف ناصبا كان بالمعنى الذي يدعونه أو غيره لا خير فيه بوجه من الوجوه، فخرج من البين بذلك ولو حمل الخير في الخبر على مطلق الخير كما ادعاه في المسالك لجامع الفسق البتة، إذ لا فاسق متى كان مسلما إلا وفيه خير، فيلزم صحة الطلاق مع شهادة الفاسق، وهو باطل إجماعا نصا وفتوى، لدلالة الآية والرواية على رد خبره، فلا بد من حمل الخير على أمر زائد على مجرد الاسلام، ووجه الاجمال في الخبرين بالنسبة إلى هذه العبارة إنما هو التقية التي هي في الأحكام الشرعية أصل كل بلية، وذلك أن السائل في الخبر الثاني (2) لما سأله عن كيفية طلاق السنة أجابه (عليه السلام) بالحكم الشرعي الواضح، وهو أن يطلقها إذا طهرت من حيضها قبل أن يغشاها بشاهدين عادلين كما قال الله تعالى عز وجل في كتابه، فإن خالف ذلك رد إلى الكتاب، بمعنى أنه يبطل ما أتى به من الطلاق لمخالفة الكتاب باشتراط عدالة الشاهدين ونحوه من تلك الشروط.
ولا ريب أن الطلاق بشهادة الناصبين بهذا التقرير باطل عند كل من له أنس بالأخبار ومعرفة بما يعتقدونه (عليهم السلام) في مخالفيهم من الكفر والشرك والعداوة، فيجب رد من أشهدهما على طلاق إلى كتاب الله الدال على بطلان هذا الطلاق، لكن لما سأل سائل بعد ذلك عن خصوص ذلك، وكان المقام لا يقتضي الافصاح بالجواب الواقعي أجمل (عليه السلام) في الجواب بعبارة توهم بظاهرها ما ذكره، وتوهموه في بادي