وبهذا الحديث نأخذ.
أقول: وقد ظهر من ذلك أن في المسألة أقوالا: القول المشهور وهو الجواز، ومذهب الشيخ وأتباعه وهو التفصيل بين الحضور والغيبة، ومذهب الحسن بن سماعة وهو المنع والتوقف في المسألة، وهو ظاهر الكليني، حيث نقل الرواية المخالفة لما ذكره أولا ولم يجب عنها بشئ، ويرد على ما ذهب إليه الشيخ أنه لا قرينة في الأخبار المذكورة تؤنس بهذا التفصيل، وأكثر الأخبار مطلق، وإن كان مورد بعضها الغيبة، ويرد على ما ذكره ابن سماعة أن فيه طرحا للأخبار الدالة على القول المشهور، وهي أكثر عددا وأوضح سندا.
وبالجملة فظهور الخبر الأخير في المعارضة مما لا ينكر، ولا يحضرني الآن محمل صحيح يحمل عليه، قال في الوافي - بعد ذكر استبعاد حمل الشيخ -:
ولو جاز تقييد الخبر بحال الحضور استنادا إلى ظهور بعض ما يخالفه في الغائب لجاز تقييده بالنساء في كله أمر الطلاق إليهن استنادا إلى ورود ما يوافقه فيهن كما يأتي في الباب الآتي من التخيير، انتهى.
ومراده أنه لو صح حمل الشيخ - والحال أنه لا قرينة تؤنس به في هذه الأخبار إلا مجرد ورود بعض الأخبار في طلاق الغائب كذلك - لجاز أيضا أن يحمل إطلاق هذا لخبر على ما دلت عليه الأخبار الدالة على عدم جواز التخيير للنساء في الطلاق، وأنه موكول لهن، كما سيأتيك الأخبار به إن شاء الله قريبا، ويأتي بيان الوجه فيها، فيكون هذا الخبر من الأخبار الدالة على القول المشهور من أنه لا يجوز للنساء الوكالة في الطلاق بأن يتولين ذلك مباشرة أو وكالة.
وأنت خبير بما فيه من البعد كما في مذهب الشيخ، وبالجملة فالمسألة عندي لا تخلو من نوع توقف، والأنسب بقواعد الأصحاب كما هي قاعدتهم في جميع الأبواب هو حمل النهي في هذا لخبر على الكراهة، لكن من قواعدهم أنهم لا يرتكبون الجمع إلا مع التكافؤ في السند، فاكتفوا هنا برد الخبر المذكور