عليه لأن الاكراه على طلاق إحداهما لا على طلاق هذه، وطلاق هذه طلاق إحداهما مع زيادة. وقد تقرر في الأصول أن الأمر بالكلي ليس أمرا بجزئي معين.
ورد بأن متعلق الاكراه وإن كان كليا لكنه يتأدى في ضمن طلاق كل واحدة بعينها، وطلاق واحدة غير معينة. فكل واحد من الأفراد داخل في المكره عليه، ومدلول عليه بالتضمن.
نعم لو صرح له بالحمل على طلاق واحدة مبهمة بأن يقول: إحداكما طالق مثلا فعدل عنه إلى طلاق معينة فلا شبهة هنا في وقوع الطلاق على المعينة لأنه غير المكره عليه جزما.
وأنت خبير بأنه بالنظر إلى هذه التعليلات فإن القول الأول هو الأقرب، إذ هو الأربط بالقواعد والأنسب، إلا أنك قد عرفت في غير موضع مما تقدم ما في البناء على أمثال هذه التعليلات.
الرابع: قال في المسالك: لا يعتبر في الحكم ببطلان طلاق المكره التورية، وإن كان يحسنها عندنا، لأن المقتضي لعدم وقوعه هو الاكراه الموجب لعدم القصد إليه، فلا يختلف الحال بين التورية وعدمها، ولكن ينبغي التورية للقادر عليها بأن ينوي بطلاق فاطمة المكره عليها غير زوجته ممن يشاركها في الاسم، أو ينوي طلاقها من الوثاق، أو يعلقه في نفسه بشرط، ولو كان جاهلا بها أو أصابه دهشة عند الاكراه - كسل السيف مثلا - عذر إجماعا، انتهى.
وربما كان في قوله " عندنا " إيماء إلى أنه عند المخالفين ليس كذلك، فتعتبر التورية عندهم في بطلان العقد، ويكون منشأ بطلانه ذلك، ولا ريب في ضعفه لما ذكره - رحمة الله عليه -.
الخامس: قال في الكتاب المتقدم ذكره أيضا: يستثنى من الحكم ببطلان فعل المكره ما إذا كان الاكراه بحق، فإنه صحيح كإكراه الحربي على الاسلام والمرتد، إذ لو لم يصح لما كان للاكراه عليه معنى، وله موارد كثيرة ذكرناها