ولا يقبح لها وجها، فإذا فعل ذلك فقد أدى والله إليها حقها، قلت: فالدهن؟
قال: غبا يوم ويوم لا، قلت: فاللحم؟ قال: في كل ثلاثة أيام فيكون في الشهر عشر مرات لا أكثر من ذلك في كل ستة أشهر، ويكسوها في كل سنة أربعة أثواب ثوبين للشتاء وثوبين للصيف، ولا ينبغي أن يقفر بيته من ثلاثة أشياء:
دهن الرأس والخل والزيت ويقوتهن بالمد، فإني أقوت به نفسي، وليقدر لكل انسان منهم قوته فإن شاء أكله وإن شاء وهبه وإن شاء تصدق به، ولا تكون فاكهة عامة إلا أطعم عياله منها، ولا يدع أن يكون للعيد عندهم فضلا في الطعام أن ينيلهم من ذلك شيئا لا ينيلهم في سائر الأيام ".
أقول: ما اشتمل عليه الخبر من التقدير بالمد في النفقة لم يقف على قائل به إلا الشيخ - رحمة الله عليه - في الخلاف، وفي المبسوط فصل فجعل على الموسر مدين كل يوم وعلى المتوسط مدا ونصفا وعلى المعسر مدا.
أقول: أما التقدير بالمد كما ذكره في الخلاف فقد عرفت مستنده، وأما التفصيل الذي ذكره في المبسوط فلم نقف له على مستند في الأخبار إلا أن يكون نوع من الاعتبار.
وقال في المسالك - بعد نقل ذلك عن الشيخ -: والأصل في هذا التقدير أن المد قدره الشارع في الكفارات قوتا للمسلمين فاعتبرت النفقة به، لأن كل واحد منهما مال يجب بالشرع لأجل القوت، ويستقر في الذمة، وربما أوجب الشارع في بعض الكفارات لكل مسكين مدين، فجمع في القول الثاني بين الأمرين فجعل المدين على الموسر، والمد على المعسر وجعل المتوسط بينهما، فألزمه بمد ونصف، والأقوى ما اختاره المصنف من عدم التقدير، والرجوع إلى قدر الكفاية وسد الخلة وهي الحاجة وهو اختيار ابن إدريس وسائر المتأخرين لأن التقدير رجوع إلى تخمين وضرب من القياس لا يطابق أصول مذهبنا، انتهى.
والظاهر أن شيخنا المذكور غفل عن الخبر الذي نقلناه، وإنما التجأ