واستناده - في الوجوب لما ذكره إلى العادة - مردود، بأن ذلك إنما هو من حيث المسامحة والتراضي وعدم المضايقة في الحقوق الشرعية، ألا ترى أن العادة قاضية بتكلف المرأة في خدمة البيت بما لا يجب عليها شرعا من طبخ وخبز وغسل ثياب لنفسها وزوجها ونحو ذلك.
وبالجملة فإن الظاهر أن الحق الشرعي لها إنما هو شئ يوكل بغير مؤونة ولا كلفة من خبز أو تمر أو نحو هما، وهذا هو ينطبق عليه حديث المد وهو الظاهر من تلك الأخبار المطلقة من قوله " يشبعها ويقيم صلبها " ونحو ذلك والتكليف بما زاد مما ذكره هو وغيره - رحمه الله - محتاج إلى دليل ولا دليل، والتمسك بقضية العادة بين الناس قد عرفت أنه غير خال من وصمة الشك والالتباس إلا أني أظن أن ما ذكرناه مما يكبر في صدور بعض الناظرين في المقام ممن تألف متابعة الشهرة في الأحكام وكل ميسر لما خلق له.
نعم ما ذكره من قضاء النفقة لو أخر دفعها عن وقتها لا ريب فيه لما ذكره، ثم إنه قال في المسالك أيضا: ثم استحقاق الزوجة المؤونة على وجه التمليك لا الامتناع، لأن الانتفاع به لا يتم إلا مع ذهاب عينه، وكذا حكم كلما يستهلك من آلة التنظيف والدهن والصابون والطين ونحو ذلك، فإذا دفعه إليها ملكت نفقة اليوم وتخيرت بين التصرف فيه أو في بعضه واستفضال بعضه وجميعه والانفاق على نفسها من مالها كما تخير في جهات أموالها، انتهى.
أقول: ويدل عليه قوله (عليه السلام) في صحيحة شهاب المتقدمة " ويقدر لكل انسان منهم قوته فإن شاء أكله وإن شاء وهبه وإن شاء تصدق به ".
و (ثانيهما): قد اختلف الأصحاب في كون الكسوة تمليكا أو إمتاعا، وبالأول قال الشيخ في المبسوط، والمحقق والعلامة في غير التحرير والقواعد والثاني (1) خيرة العلامة في القواعد وشيخنا الشهيد الثاني في الروضة والمسالك،