والقول الثاني: أن جميع الآية في عبد الله بن سعد، قاله السدي.
والثالث: أنها نزلت في مسيلمة، والأسود العنسي، قاله قتادة. فإن قيل: كيف أفرد قوله:
(أو قال أوحي إلي) من قوله: (ومن أظلم ممن افترى) وذاك مفتر أيضا؟ فعنه جوابان:
أحدهما: أن الوصفين لرجل واحد، وصف بأمر بعد أمر ليدل على جرأته.
والثاني: أنه خص بقوله: (أو قال أوحي إلي) بعد أن عم بقوله: (افترى على الله) لأنه ليس كل مفتر على الله يدعي أنه أوحي إليه، ذكرهما ابن الأنباري.
قوله تعالى: (سأنزل مثل ما أنزل الله) أي: سأقول. قال ابن عباس: يعنون الشعر، وهم المستهزئون. وقيل: هو قول عبد الله بن سعد بن أبي سرح. قال الزجاج: وهذا جواب لقولهم:
(لو نشاء لقلنا مثل هذا).
قوله تعالى: (ولو ترى إذ الظالمون) فيهم ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم قوم كانوا مسلمين بمكة، فأخرجهم الكفار معهم إلى قتال بدر، فلما أبصروا قلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجعوا عن الإيمان، فنزل فيهم هذا، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: أنهم الذين قالوا: (ما أنزل الله على بشر من شئ) قاله أبو سليمان.
والثالث: الموصوفون في هذه الآية، وهم المفترون والمدعون الوحي إليهم، ومماثلة كلام الله. قال الزجاج: وجواب " لو " محذوف، والمعنى: لو تراهم في غمرات الموت لرأيت عذابا عظيما. ويقال لكل من كان في شئ كبير: قد غمر فلانا ذلك. قال ابن عباس: غمرات الموت:
سكراته. قال ابن الأنباري: قال اللغويون: سميت غمرات، لأن أهوالها يغمرن من يقعن به.
قوله تعالى: (والملائكة باسطوا أيديهم) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: بالضرب، قاله ابن عباس.
والثاني: بالعذاب، قاله الحسن، والضحاك.
والثالث: باسطوها لقبض الأرواح من الأجساد، قاله الفراء وفي الوقت الذي يكون هذا فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: عند الموت. قال ابن عباس: هذا عند الموت، الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم، وملك الموت يتوفاهم.