قوله تعالى: (لتعرضوا عنهم) فيه قولان:
أحدهما: لتصفحوا عن ذنبهم.
والثاني: لأجل إعراضكم. وقد شرحنا في (المائدة) معنى الرجس.
يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين (96) قوله تعالى: (يحلفون لكم لترضوا عنهم) قال مقاتل: حلف عبد الله بن أبي للنبي صلى الله عليه وسلم لا أتخلف عنك، ولأكونن معك على عدوك، وطلب منه أن يرضى عنه، وحلف عبد الله بن سعد بن أبي سرح لعمر بن الخطاب، وجعلوا يترضون النبي وأصحابه، وكان رسول الله قال لما قدم المدينة: " لا تجالسوهم ولا تكلموهم ".
الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم (97) قوله تعالى: (الأعراب أشد كفرا) قال ابن عباس: نزلت في أعاريب أسد وغطفان وأعراب من حول المدينة، أخبر الله أن كفرهم ونفاقهم أشد من كفر أهل المدينة، لأنهم أقسى وأجفى من أهل الحضر.
قوله تعالى: (وأجدر ألا يعلموا) قال الزجاج: " أن " في موضع نصب، لأن الباء محذوفة من " أن "، المعنى: أجدر بترك العلم. تقول: جدير أن تفعل، وجدير بأن تفعل، كما تقول: أنت خليق بأن تفعل، أي: هذا الفعل ميسر فيك، فإذا حذفت الباء لم يصلح إلا ب " أن "، وإن أتيت بالباء، صلح ب " أن " وغيرها، فنقول: أنت جدير بأن تقوم وجدير بالقيام. فإذا قلت: أنت جدير القيام، كان خطأ، وإنما صلح مع " أن " لأن " أن " تدل على الاستقبال، فكأنها عوض من المحذوف. فأما قوله [تعالى]:
(حدود ما أنزل الله) فيعني به الحلال والحرام والفرائض. وقيل: المراد بالآية أن الأعم في العرب هذا.
ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميع عليم (98) قوله تعالى: (ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق) إذا خرج في الغزو، وقيل: ما يدفعه من الصدقة (مغرما) لأنه لا يرجو له ثوابا. قال ابن قتيبة: المغرم: هو الغرم والخسر. وقال ابن فارس: