إذا اغتسلت في وقت العصر يصلي العصر ثم يصلى الظهر وحسنة بن معمر بن يحيى قال سئلت أبا جعفر عليه السلام عن الحائض تطهر عند العصر تصلي الأولى قال لا انما تصلى الصلاة التي تطهر عندها وفي ذلك الأدلة نظر إما الأول فلان غاية ما يلزم مما ذكر وجوب الاتيان بالظهر دون العصر في أول الوقت على المتذكر ولا يلزم من ذلك الاختصاص فان القائل بالاشتراك لا يخالف في صورة التذكر بل في صورة النسيان كما إذا ظن الاتيان بالظهر أو اتى بالظهر قبل أول الوقت ظانا دخول الوقت ثم اتى بالعصر في أول الوقت فإنه يصح عند القائل بالاشتراك ولم يقصد من اشتراك الوقت أكثر من ذلك والدليل الذي ذكره لا ينفيه ولو صح ما ذكره يلزم ان لا يكون شئ من الوقت مشتركا أصلا لان في كل جزء من الوقت ان لم يأت بالظهر سابقا يلزم اختصاصه بالظهر بعين الدليل المذكور وان اتى به سابقا فالوقت مختص بالعصر واعترض المصنف في المختلف على الدليل المذكور بنحو ما ذكر وأجاب بما محصله ان اشتراك الوقت على ما فسرتموه فرع وقوع التكليف بالفعل ونحن قد بينا عدم تعلق التكليف به وفيه نظر لان اللازم مما ذكره عدم تعلق التكليف به إذا كان متذكرا لعدم الاتيان بالظهر في وقته سابقا عليه إما لو ظن خلاف ذلك فلا نسلم عدم تعلق التكليف بالعصر في ذلك الوقت ولم يلزم ذلك من الدليل الذي ذكره واما الثاني فالكلام عليه قريب من السابق واما الثالث فلان هذا الخبر ضعيف السند مع كونه معارضا باخبار كثيرة دالة على اشتراك الوقت ويمكن تأويله بان يقال المراد بوقت الظهر في قوله فقد دخل وقت الظهر حتى يمضى مقدار أربع الوقت المختص بالظهر عند التذكر إذ يجوز ان يكون مقدار أداء العصر من اخر الوقت مختصا بالعصر في صورة العلم والتذكرة وهذا لا ينفي الاشتراك مطلقا وبالجملة ابقاء هذا الخبر على ظاهره وارتكاب التأويل في معارضه فرع رجحانه عليه وهو ممنوع ومما ذكرنا يعلم الجواب عن الرابع وقوله عليه السلام فيكون فاتتاه جميعا بناء على أن التكليف بالعصر في ذلك الوقت يقتضي النهي عن الاتيان بالظهر فيه والنهي في العبادة يستلزم الفساد فإذا اتى بالظهر فيه لم يكن صحيحا فيكون قد فاتتاه جميعا ومما ذكرناه يعلم الجواب عن الخامس على أن مدلوله غير موافق لمذهب أكثر القائلين بالاختصاص فإنهم يقولون بذلك في الزمان المتصل بنصف الليل لا الفجر واما السادس فضعفه ظاهر إذ لم يعلم من الآية وجوب الترتيب بين الظهرين غاية ما يستفاد منها التكليف بالصلاة أو الصلاتين أو الصلوات الأربع في الوقت المحدود ولا يلزم من ذلك وجوب الترتيب بل دلالة الآية على الاشتراك أظهر سواء كان المراد بالصلاة الظهرين أو الصلاة الأربعة إما على الأول فلان المستفاد منها ثبوت التكليف بالصلاتين في الوقت المحدود ثبت وجوب الترتيب في صورة التذكر بدليل من خارج فعند عدم التذكر كان اطلاق الآية بحاله من غير تقييد واما على الثاني فلان الظاهر اشتراك الوقت بين الصلوات الأربعة الا ما خرج بالدليل ولقائل أن يقول إن حمل الآية على مجرد التوزيع أولي من حمله على الاشتراك لاستلزامه ارتكاب التخصيص البعيد وحينئذ فلا يتم دلالتها على الاشتراك واما السابع فلان قوله وكذا مع النسيان محل تأمل قوله لعدم الاتيان بالمأمور به قلنا مطلقا لا نسلم ان الوقت المعلوم شرط الصحة صلاة العصر حتى تنتفي عند انتفائه انما المسلم وجوب تأخيرها عن الظهر في صورة التذكر لا مطلقا فعدم الاتيان بالمأمور به في صورة النسيان ممنوع واما خبر إسماعيل بن حمام فيرد على التمسك بها ان غاية ما يستفاد منه اختصاص اخر الوقت بالعصر في صورة التذكر لا مطلقا ولا يلزم من ذلك نفي الاشتراك على أن حمل وقت العصر فيه على اخر الوقت بمقدار أدائها خلاف المتبادر بل المتبادر ما بعد وقت فضيلة الظهر وحينئذ كان ظاهره دالا على كون الوقت الأول للاجزاء لا للفضيلة ان ثبت الاجماع على عدم جواز تقديم العصر على الظهر أداء مطلقا وعلى هذا يجب تأويل الرواية بالحمل على التقية لموافقتها لمذهب كثير من العامة واما صحيحة أبي همام فيرد على التمسك بها ما ذكرنا من عدم دلالتها على نفي الاشتراك مطلقا مع أن ظاهرها على تقدير حمل وقت العصر فيها على اخر الوقت غير معمول بين الأصحاب إذ لاقضاء على الحائض فهذا الحمل ليس أقرب من حمل العصر فيها على ما بعد زمان الفضيلة فان ذلك الحمل مع كونه أقرب إلى مفاد الخبر يوافق ما ذهب إليه الشيخ في التهذيب من عدم وجوب الظهر عليها إذا طهرت بعد ما مضى من الزوال أربعة اقدام واستحبابها حينئذ بخلاف هذا الحمل ان لم يعلم قائل بمقتضاه على أن كثيرا من الاخبار دلت على أن الحائض إذا طهرت قبل الغروب تصلي الظهر والعصر ومقتضاها التخيير في الترتيب ويمكن الجمع بينها وبين الخبر بحمل الترتيب فيه على الاستحباب أو ارتكاب التقييد فيها ولا رجحان للثاني على الأول فلا يثبت نفي الاشتراك مطلقا مع أن حملها على الوقت المختص بالعصر عندهم خلاف المتبادر منها على أن هذا الخبر معارض باخبار كثيرة دالة على أن الحائض إذا طهرت قبل غروب الشمس صلت الظهر والعصر ويمكن الاستدلال عليه أيضا بموثقة محمد بن مسلم لتقدمه في المسألة السابقة وبرواية منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا طهرت الحائض قبل العصر صلت الظهر والعصر وان طهرت في اخر وقت العصر وأنت خبير بطريق الايراد فيهما حجة القول بالاشتراك ظاهر الروايات الدالة على ذلك كصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر والعصر وإذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء الآخرة وقول أبي الحسن عليه السلام في صحيحة محمد بن أحمد بن يحيى إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين وصحيحة عبيد بن زرارة على الظاهر عن أبي عبد الله عليه السلام قال فيهما صلاتان أول وقتهما من عند زوال الشمس إلى غروب الشمس الا ان هذه قبل هذه ورواية عبيد بن زرارة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن وقت الظهر والعصر فقال إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر والعصر جميعا الا ان هذه قبل هذه ثم أنت في وقت منهما جميعا حتى تغيب الشمس وقوله في رواية زرارة السابقة وان لم يفعل فإنك في وقت منهما جميعا حتى تغيب الشمس ورواية الصباح بن سبابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين وفي معناها اخبار متعددة كرواية سفيان ابن السمط ورواية منصور بن يونس ورواية مالك الجهني وغيرها قال المحقق ويمكن ان يتأول ذلك من وجوه أحدها ان الحديث تضمن الا ان هذه قبل هذه وذلك يدل على أن المراد بالاشتراك ما بعد وقت الاختصاص الثاني انه لم يكن للظهر مقدار بل اي وقت فرضت وقوعها فيه أمكن وقوعها فيما هو أقل منه حتى لو كانت للظهر تسبيحة كصلاة شدة الخوف كانت العصر بعدها ولأنه لو ظن الزوال وصلى ثم دخل الوقت قبل اكمالها بلحظة أمكن وقوع العصر في أول الوقت الا ذلك القدر فلقلة الوقت وعدم ضبطه كان التعبير عنه بما ذكر في الرواية أخص العبادات وأحسنها الثالث ان هذا الاطلاق مقيد في رواية داود بن فرقد واخبار الأئمة وان تعددت في حكم الخبر الواحد ولا يخفى ان ارتكاب التأويل والعدول عن الظاهر انما يستقيم عند معارض أقوى ووجوده فيما نحن بصدده ممنوع ورواية داود بن فرقد لعدم صحتها غير ناهضة باثبات المطلوب وما ذكره أولا من أن قوله عليه السلام الا ان هذه قبل هذه دال على أن المراد بالاشتراك ما بعد وقت الاختصاص محل تأمل وقد يقال دخول الوقتين بأول الزوال لا ينافي اختصاص الظهر من أول الوقت بمقدار أدائها إذ المراد بدخول الوقتين دخولهما موزعين على الصلاتين كما يشعر به قوله عليه السلام الا ان هذه قبل هذه و لا يخفى ان ظاهر الاخبار اشتراك مجموع الوقت بين الصلاتين والتوزيع خلاف الظاهر ومقتضى قوله عليه السلام الا ان هذه قبل هذه وجوب الترتيب وهو غير مناف للاشتراك المطلق ولو كان ذلك منافيا للاشتراك يلزم اختصاص الوقت بالظهر ما لم يرد ولا اختصاص له بالوقت الأول ويلزم من ذلك نفي اشتراك الوقت مطلقا على أن هذه العبارة غير موجودة في كثير من الأحاديث لم يرد ولا اختصاص له بالوقت الأول الدالة على الاشتراك كصحيحة محمد بن أحمد بن يحيى ورواية زرارة والصباح وسفيان ومنصور ومالك قال بعض المتأخرين بعد نقله عن بعضهم القول باشتراكه بأجمعه
(١٨٩)