يكون مؤيد المنع تسليم حجية الرواية بناء على أن طريقها غير نقي والتحقيق انه وقع التعارض بين رواية الفضل ورواية ابن سنان ويمكن الجمع بينهما إما بحمل الأول على التقية واما بحمل الثانية على الاستحباب ويؤيد رواية الفضل حسنة معمر بن يحيى قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الحائض تطهر بعد العصر تصلى الأولى قال لا انما تصلي الصلاة التي تطهر عندها وموثقة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال قلت المراة ترى الطهر فتشتغل في شأنها حتى يدخل وقت العصر قال تصلي العصر وحدها فان ضيعت فعليها صلاتان وفي معنى رواية ابن سنان ما رواه عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام وما رواه عن داود الزجاجي عن أبي جعفر عليه السلام وكذا رواية عمر بن حنظلة وقد سبقت تلك الروايات في مبحث الحيض والشيخ في التهذيب والاستبصار حمل تلك الروايات على الاستحباب وعلى هذا فالمراد بالعصر في خبري معمر بن يحيى ومحمد بن مسلم الوقت المختص بالعصر على جهة الفضيلة أو الاختيار وهو ما بعد أربعة اقدام على أحد قولي الشيخ وهذا الوجه في طريق الجمع حسن ان رأينا حجية رواية الفضل لان حملها على التقية بعيد إذ لم يظهر موافقة العامة لمدلوله بل المشتهر بينهم خلافها وان قدحنا في حجية الرواية المذكورة كان التعويل على رواية ابن سنان لاعتقادها (لاعتضادها) بالآية وبالاخبار الكثيرة وبالشهرة ولما دل على وجوب الصلاة على المكلفين خرج عنه الحائض في زمان حيضها فيبقى غيرها داخلا تحت التكليف وعلى هذا فالمراد بالعصر في خبري معمر ومحمد بن مسلم الوقت المختص بالعصر والظاهر عند حجية الرواية المذكورة وصحة التعويل عليها وعلى كل تقدير فالرواية مختص بالحائض فلا يعم غيرها فالمراد بقوله وقت الظهر دخل عليها وهي حائض وقت الفضيلة لا الأجزاء وحينئذ يظهر من هذه الرواية ومن رواية إبراهيم الكرخي ان للظهر وقتي فضيلة على سبيل الترتيب في الأفضلية احتج المصنف في المختلف للمفيد بما رواه زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال سألته عن وقت الظهر فقال ذراع من زوال الشمس ووقت العصر ذراع من وقت الظهر فذلك أربعة اقدام من زوال الشمس وبما رواه في الصحيح عن الفضيل وزرارة وبكير بني أعين ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية قال قال أبو جعفر وأبو عبد الله (ع) وقت الظهر بعد الزوال قدمان وقت العصر بعد ذلك قدمان وهذا أول وقت إلى أن يمضى أربعة اقدام للعصر والجواب ان المفهوم من الخبرين ان وقت الظهر يدخل بعد ذراع من زوال الشمس لا ان الوقت يخرج بذلك وفي تتمة خبر زرارة تصريح بذلك حيث قال عليه السلام ان حافظ مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله كان قامة وكان إذا مضى من فيئه ذراع صلى الظهر وإذا مضى عن فيئه ذراعان صلى العصر ثم قال أتدري لم جعل الذراع والذراعان قلت لم جعل ذلك قال لمكان النافلة لك ان تنفل من زوال الشمس إلى أن يمضي الفئ ذراعا فإذا بلغ فيئك ذراعا من الزوال بدأت بالفريضة وتركت النافلة وهذا هو المعنى الذي فهم الشيخ من كلام المفيد فإنه جعل وقت الظهر على ثلثة أقسام منها وقت المنفل وهو حين صارت على قدمين أو سبعين أو ما أشبه ذلك ولعل مراد المفيد أيضا ذلك وإن كان في عبارته اجمالا واما حجة ابن أبي عقيل على ما حكى في المختلف فهي صحيحة زرارة السابقة في احتجاج المفيد وما رواه محمد بن حكيم قد سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول القامة هي الذراع وقال له أبو بصير كم القامة فقال ذراع ان قامة رجل رسول الله صلى الله عليه وآله كانت ذراعا وجواب لهذا الاحتجاج الخامسة المشهور بين الأصحاب اختصاص الظهرين أول الوقت بمقدار أدائها تامة الافعال والشروط بأقل واجباتها بحسب حال المكلف باعتبار كونه مقيما ومسافرا خائفا وغير خائف صحيحا ومريضا سريع القراءة والحركات وبطيئها مستجمعا بعد دخول الوقت لشرائط الصلاة وفاقدها فان المعتبر مضى مقدار أدائها وتحصيل شرائطها المفقودة بحسب حال المكلف وهذا مما يختلف اختلافا فاحشا وكذا اختصاص العصر عن اخر الوقت بمقدار أدائها على الوجه المذكور والمنقول عن ابني بابويه اشتراك الوقت بين الظهرين من أوله إلى اخره وقال السيد المرتضى في المسائل الناصرية على ما نقل عنه الذي نذهب إليه انه إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر بلا خلاف ثم يختص أصحابنا بأنهم يقولون إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر الا ان الظهر قبل العصر قال وتحقيق هذا الموضع انه إذا زالت دخل وقت الظهر بمقدار ما يؤدى أربع ركعات فإذا خرج هذا المقدار اشترك الفرضان ومعنى ذلك أنه يصح ان يؤدى في هذا الوقت المشترك الظهر والعصر بطوله على أن الظهر مقدمة للعصر ثم لا يزال في وقت منهما إلى أن يبقى إلى غروب الشمس مقدار أربع ركعات فيخرج وقت الظهر ويخلص هذا المقدار للعصر كما خلص الوقت الأول للظهر قال المصنف في المختلف بعد نقل هذا المقام من السيد وعلى هذا التفسير الذي ذكر السيد يزول الخلاف ونقل ابن إدريس عن بعض الأصحاب وبعض الكتب انه إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر والعصر الا ان هذه قبل هذه ثم أنكره وجعله ضد الثواب واعترض عليه المحقق وبالغ في انكار كلامه استنادا إلى أن ذلك مروى عن الأئمة عليهم السلام في اختبار (اختيار) المتعددة على أن فضلاء الأصحاب رووا ذلك وافتوا فيجب الاعتناء بالتأويل لا للاقدام بالطعن وهذا الكلام من المحقق يدل على اشتهار ذلك من فضلاء الأصحاب ثم قال المحقق ويمكن ان يتأول ذلك من وجوه وذكر وجوها من التأويل وسأذكرها حجة المشهور وجوه الأول ان القول باشتراك الوقت حين الزوال بين الصلاتين مستلزم لاحد الباطلين إما تكليف ما لا يطاق أو خرق الاجماع فيكون باطلا بيان الاستلزام المذكور ان التكليف حين الزوال إما ان يقع بالعبادتين معا أو بأحدهما لا بعينها أو بواحدة معينة والثالث خلاف من الاشتراك فتعين أحد الأولين على أن المعينة إن كانت هي الظهر ثبت المطلب وإن كانت هي العصر لزم خرق الاجماع وعلى الاحتمال الأول يلزم تكليف ما لا يطاق وعلى الثاني يلزم خرق الاجماع إذ لا خلاف في أن الظهر مرادة بعينها حين الزوال لا لأنها أحد الفعلين الثاني ان الاجماع واقع على أن النبي صلى الله عليه وآله صلى الظهر أولا وقال صلوا كما رأيتموني أصلي فلو لم يكن وقتا لها لما صح منه صلى الله عليه وآله ايقاعها فيها الثالث رواية داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر حتى يبقى من الشمس مقدار ما يصلي أربع ركعات فإذا بقى مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر وبقى وقت العصر حتى تغيب الشمس الرابع رواية الحلبي فيمن نسى الظهر والعصر ثم ذكر عند غروب الشمس قال إن كان في وقت لا يخاف فوت أحدهما فليصل الظهر ثم ليصل العصر وان هو خاف ان يفوته فليبدء بالعصر ولا يؤخرها فيكون قد فاتتاه جميعا الخامس صحيحة ابن سنان عن الصادق عليه السلام فيمن نام أو نسى ان يصلي المغرب والعشاء الآخرة واستيقظ قبل الفجر قال وان خاف ان يفوته إحديهما فليبدأ بالعشاء ومتى ثبت ذلك في العشائين ثبت في الظهرين لعدم القائل بالفصل السادس ظاهر قوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل فان ضرورة الترتيب يقتضي الاختصاص وهذا الوجه ذكره الشارح الفاضل السابع لا مضى لوقت الفريضة الا ما جاز ايقاعها فيه ولو على بعض الوجوه ولا ريب ان ايقاع العصر عند الزوال على سبيل العمل ممتنع وكذا مع النسيان على الأظهر لعدم الاتيان بالمأمور على وجهه وانتفاء ما يدل على الصحة مع المخالفة وإذا امتنع وقوع العصر عند الزوال مطلقا انتفى كون ذلك وقتا لها وهذا الوجه ذكره صاحب المدارك الثامن صحيحة إسماعيل بن همام عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال في الرجل يوم الظهر حتى يدخل وقت العصر انه يبدأ بالعصر ثم يصلي الظهر وصحيحة أبي همام عن أبي الحسن عليه السلام في الحائض
(١٨٨)