تضمنت رواية المفضل لتسميتهما سورتين ونحن فقد بينا ان الجمع بين السورتين في الفريضة مكروه فتستثنيان من الكراهة انتهى كلامه وهو حسن وروى الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن زيد الشحام قال صلى أبو عبد الله (ع) فقرأ في الأولى والضحى وفي الثانية ألم نشرح وحملها الشيخ على النافلة وهو غير بعيد وفي الصحيح عن زيد الشحام قال صلى بنا أبو عبد الله فقرابنا بالضحى والم نشرح وحملها الشيخ على أن المراد انه قراهما في ركعة لكن ذلك خلاف المتبادر كما لا يخفى ويجب البسملة بينهما نفاه الشيخ في التبيان قضاء لحق الوحدة ولان الشاهد على الوحدة اتصال المعنى والبسملة بنفيه ومنع ذلك ابن إدريس استناد إلى تواتر البسملة بينهما وكتابتها في المصحف مع مبالغة السلف في تجريده عن الزوائد ولا ينافي ذلك الوحدة كما في سورة النمل قال المحقق في المعتبر ان كانتا سورتين فلابد من مراعاة البسملة وان كانتا سورة واحدة فلا إعادة للاتفاق على انها ليست آيتين من سورة واحدة ويجوز العدول عن سورة إلى غيرها ما لم يتجاوز النصف الا في التوحيد والجحد ولا يعدل عنهما الا إلى الجمعة والمنافقين تنقيح هذا المقام انما يتم برسم مسائل الأولى المشهور جواز العدول من سورة إلى أخرى في غير التوحيد والجحد ما لم يتجاوز النصف ذكره الشيخ والفاضلان وغيرهم واعتبر ابن إدريس والشهيد في الذكرى والدروس عدم بلوغ النصف وأسنده في الذكرى إلى الأكثر ونسبه المدقق الشيخ على إلى المصنف في النهاية لكن وجدت كلام المصف في النهاية موافقا للأول والتحديد بمجاوزه النصف أو بلوغه غير موجود في النصوص كما اعترف جماعة من الأصحاب بل الروايات مطلقة بجواز العدول منها ما رواه الشيخ والكليني في الصحيح عن عمرو بن أبي نصر قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل يقوم في الصلاة ويريدان يقرأ سورة فيقرأ قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون فقال يرجع من كل سورة الأقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون وما رواه الشيخ عن الحلبي قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل قراء في الغداة سورة قل هو الله أحد قال لا باس ومن افتتح بسورة ثم بدا له ان يرجع في سورة غيرها فلا باس الأقل هو الله أحد ولا يرجع منها إلى غيرها وكذلك قل يا أيها الكافرون وهذه الرواية جعلها جماعة من الأصحاب منهم المصنف في المنتهى من الصحاح وللتوقف فيه مجال لان في طريقه أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن مسكان والحال ان احمد ومن كان في طبقته بل من كان فوقها لا يروون عن ابن مسكان الا بالواسطة وكثير ما يكون الواسطة محمد بن سنان وملاحظة هذه المقدمة مضافا إلى ما علم من طريقة الشيخ من اسقاط بعض الوسائط في أثناء الأسانيد أحيانا يوجب الشك في اتصال اسناد هذا الخبر فلا يبقى الوثوق بصحته واما ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله ابن بكير عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يزيدان يقرا السورة فيقرأ غيرها فقال له ان يرجع ما بينه وبين ان يقرأ ثلثيها فدال على التحديد بالثلثين وهو غير المدعا وحمله على الشروع في الثلث الثاني كما ارتكبه بعض الأصحاب فمع كونه تكلفا بعيدا يعارض مفهومه مذهب الجماعة الا بتأويل بان يقال العدول بعد الشروع في الثلث الثاني مكروه وقد يقال موارد هذا الخبر من أراد ان يقرأ السورة فقرا غيرها وحق هذا ان يجب عليه الرجوع ما لم يركع لان ما اتى به لا يعد قرائة الصلاة الا ان يحمل على من قصد سورة ثم ذهل فقصد أخرى وفيه كلام سيجيئ عن قريب واما ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي والكناني وأبي بصير عن أبي عبد الله في الرجل يقرأ في المكتوبة بنصف السورة ثم ينسى فيأخذ في أخرى حتى يفرغ منها ثم يذكر قبل ان يركع قال يركع ولا يضره فلا دلالة فيها على شئ من التحديدين أصلا إذ ليس في كلامهم (ع) تحديد أصلا والمستفاد من كلام مجرد صحة الصلاة عند العدول بعد النصف في صورة النسيان ولا يفهم منه غير ذلك وربما يقدح في دلالتها بعدم حجية مفهوم اللقب وهو ضعيف إذ مفهومها يرجع عند التحصيل إلى مفهوم الغاية لا يخفى على المتأمل وبالجملة لا دلالة في النصوص على شئ من التحديدين نعم ان ثبت اجماع على عدم جواز العدول بعد تجاوز النصف يثبت ذلك وينضم إليه جواز العدول قيل ذلك بمقتضى عموم الاخبار فيثبت قول الشيخين ومن تبعهما لكن الظاهر عدم ثبوت اجماع عليه ووجهه المصنف في النهاية بالبناء على تحريم القران قال ولا يجوز القران بين سورتين فكذا بين السورة ومعظم الأخرى وأنت خبير بما فيه واستدل الشارح الفاضل وفاقا للمدقق الشيخ علي على التحديد الثاني بقوله تعالى ولا تبطلوا أعمالكم فان الانتقال من سورة إلى أخرى ابطال للعمل خرج ما قبل النصف بالاجماع فبقى غيره داخلا في عموم المنع وفيه نظر لأنا لا نسلم ان الانتقال المذكور ابطال للعمل ان يجوز ان يكون المراد بابطال العمل تضييع العمل واخراجه عن الانتفاع بالكلية واثبات ان استعماله في هذا المعنى على خلاف الحقيقة مشكل على أنه لو سلم كونه معنى مجازيا فإنه أقرب من ارتكاب التخصيص البعيد اللازم للمعنى الذي حملوه عليه و على هذا لا يتم الاحتجاج بالآية الا إذا ثبت ان الانتقال من السورة يوجب ارتفاع ثوابها بالكلية وهو غير ظاهر بل الظاهر خلافه وهذا المعنى يناسب ما قال بعض المفسرين من أن المراد ابطال الأعمال بالكفر والنفاق وما نقل عن بعضهم ان المراد ابطاله بالرئاء والسمعة وعن بعضهم ان المراد ابطاله بالمعاصي والكبائر وهذه الوجوه الثلاثة مذكورة في مجمع البيان وفي غيرها ما يقر ب منها ولم ينقل المعنى الذي استند إليه المستدل عن أحد من المفسرين في شئ من التفاسير المشهورة فالاستناد إليه مشكل هذا مع أن الاستدلال بالآية انما يتم على القول بعدم تخصيص الآية بالاخبار الآحاد واما على القول بتخصيص الآية بها كما هو الظاهر من مذهب المستدل فالمصير إلى مقتضى النصوص السابقة متعين لأنها خاصة بالنسبة إلى الآية وحينئذ فان ثبت اجماع على عدم جواز العدول بعد التجاوز عن النصف كان الخبر متخصصا بقدرة والا فلا وعلى التقدير ينقدح التقدير ببلوغ النصف الذي دام المستدل اثباته الثانية لا يجوز العدول عن سورة قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون إلى غيرها الا ما استثنى متى شرع فيهما عند الأكثر فالمرتضى والشيخ وابن إدريس والمصنف في عدة من كتبه وهي (ط) المفيد ونقل المرتضى في الانتصار اجماع الفرقة عليه وذهب المحقق في المعتبر إلى الكراهة وتوقف فيه المصنف في المنتهى والتذكرة والأصل في هذه الروايتان السابقتان أعني رواية عمرو بن أبي نصر ورواية الحلبي لكن دلالتهما على التحريم ليس بواضح احتج المحقق بقوله تعالى فاقرؤا ما تيسر من القران ولا يبلغ الرواية قوة في تخصيص القران وفيه كلام يعرف من تذكر المباحث السابقة والتوقف في هذا المقام في موقعه الا ان مقتضاه عدم العدول تحصيلا للبرائة اليقينية كما نبهناك عليه مرارا الثالثة يجوز العدول عن التوحيد والجحد إلى الجمعة والمنافقين في يوم الجمعة ما لم يتجاوز النصف أو لم يبلغه على المشهور بين الأصحاب وربما يتوهم عدم الخلاف فيه وقال المحقق في الشرايع في احكام الجمعة وإذا سبق الامام إلى قرائة سورة فليعدل إلى الجمعة والمنافقين ما لم يتجاوز نصف السورة الا في سورة الجحد والتوحيد وهو ظاهر اطلاق كلام ابن الجنيد وقال السيد المرتضى في الانتصار ومما انفردت الامامية خطر الرجوع إلى سورة الاخلاص وروى قل يا أيها الكافرون أيضا إذا ابتدأ بها ثم نقل الاجماع عليه وظاهر وعموم المنع والأول أقرب لنا ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال إذا افتتحت صلاتك بقل هو الله أحد وأنت تريد ان تقرأ غيرها فامض فيها ولا ترجع الا أن تكون في يوم الجمعة فإنك ترجع إلى الجمعة والمنافقين منها ومما يختص بسورة الجمعة ما رواه باسنادين في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) في الرجل يريد ان يقرأ سورة الجمعة في الجمعة فقرأ قل هو الله أحد قال يرجع في سورة الجمعة ورواها الكليني في الصحيح ثم قال وروى أيضا يتمها ركعتين ثم يستأنف وما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله ابن بكير عن عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل أراد ان يقرا في سورة فاخذ في أخرى قال فليرجع إلى السورة الأولى الا ان يقرأ بقل هو الله أحد قلت رجل صلى الجمعة وأراد ان يقرا سورة الجمعة فقرا قل هو الله أحد قال يعود إلى سورة الجمعة واشترط المدقق الشيخ علي والفاضل (الش..) في جواز العدول عن السورتين ان يكون الشروع فيها نسيانا استنادا إلى رواية محمد بن مسلم وفيه نظر لان الرواية غير واضحة الدلالة على أن المصلي شرع في التوحيد سهوا لجواز ان يكون المراد انه يريد قرائة الجمعة ثم بدا له سورة التوحيد وعلى تقدير التسليم يجوز ان يكون التخصيص في كلام السائل فلا يفيد نفى الحكم فيما عداه وبالجملة رواية الحلبي عام وما ذكر لا يوجب تخصيصا لها فالقول بالتعميم أظهر ولا يخفى ان المذكور في هذه الروايات سورة التوحيد والحق به الأصحاب سورة الجحد وهو مشكل لفقد النص الموجب لتخصيص الروايتين الدالتين على النهي عن العدول عنها كما سبق وربما يتمسك في ذلك بعدم القائل بالفضل واثباته لا يخلو عن اشكال ثم اعتبار المصنف في جواز العدول من السورتين في يوم الجمعة مصرح به في كلام كثير من الأصحاب منهم ابن بابويه وابن إدريس والمصنف في النهاية والشارح الفاضل وغيرهم وأكثر عبارات الأصحاب مجمل من غير تصريح فيه بذلك واثباته بالدليل مشكل لان النصوص السابقة كما عرفت خالية عن هذا التفصيل
(٢٨٠)