نقل اتفاقهم على ذلك كثير منهم ويدل عليه بعض الأدلة الآتية في غصون هذا البحث وغيره في المباحث الآتية ويجب عقيب كل ثنائية وفي اخر الثلاثية والرباعية أيضا الشهادتان والصلاة على النبي وآله عليهم السلام إما وجوب الشهادتين في المواضع المذكورة فاجماعي بين الأصحاب نقل اتفاقهم على ذلك جماعة من الأصحاب منهم المرتضى والشيخ وابن إدريس والمصنف و والشهيد وغيرهم واقتصر الصدوق في المقنع على الشهادتين ولم يذكر الصلاة على النبي وآله ثم قال وادنى ما يجزي من التشهد أن يقول الشهادتين أو يقول بسم الله وبالله ثم يسلم وحكم في الذكرى بأنه معارض باجماع الامامية ويدل على وجوب التشهد مضافا إلى الاتفاق المنقول وتوقف البراءة اليقينية من التكليف الثابت ما رواه الشيخ في الصحيح عن الفضيل وزرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال إذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته فإن كان مستعجلا في أمر يخاف ان يفوته فسلم وانصرف اجزاء وفي الحسن بإبراهيم بن هاشم عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال إذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة إذا كان الالتفات فاحشا وان كنت قد تشهدت فلا تعد وعلى وجوب خصوص الشهادتين ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله (ع) التشهد في الصلاة قال مرتين قال قلت وكيف مرتين قال إذا استويت جالسا فقل اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم ينصرف قال قلت قول العبد التحيات لله والصلوات الطيبات لله قال هذا اللطف من الدعاء يلطف العبد ربه وعن سورة بن كليب قال سألت أبا جعفر (ع) عن أدنى ما تجزى من التشهد فقال الشهادتان ويؤيده ما رواه عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله (ع) قال التشهد في كتاب علي (ع) شفع ولا يمكن الاستدلال بما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله ابن بكير عن عبد الملك بن عمرو عن أبي عبد الله (ع) قال التشهد في الركعتين الأوليين الحمد لله اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل على محمد وال محمد وتقبل شفاعته وارفع درجته لاشتمالها على ما ليس بواجب اتفاقا وتعارض ما ذكرناه اخبار كثيرة لابد من ارتكاب التأويل فيها لئلا يخالف ما اشتهر بين الأصحاب ونقل الاتفاق عليه منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع) ما يجزي من القول في التشهد في الركعتين الأولتين قال إن تقول اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له قلت فما يجزي من التشهد في الركعتين الأخيرتين فقال الشهادتان لا أقل منهما الاظهر في قوله فما يجزي من التشهد ان يكون السؤال عن أقل المجزي وعلى هذا يلزم ان يكون أقل المجزى في التشهد الأول الشهادتان لا أقل منهما إذا جزاء الأقل من الشهادتين في التشهد الأول يستلزم أجزأ في التشهد الثاني لما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن أبي نصر قال قلت لأبي الحسن (ع) جعلت فداك التشهد الذي في الثانية يجزي ان أقوله في الرابعة قال نعم وتعين حينئذ ارتكاب التأويل في خبر زرارة ويمكن بوجهين أحدهما حمل قوله فما يجزي من التشهد على أن السؤال عن مطلق المجزي لا عن أقل مراتب الأجزاء فيكون الجواب بالامر المجزي ولا يلزم ان يكون أقل المجزي وحينئذ فالفرق بين الجوابين يحتاج إلى أن يقال زيادة التشهد في الأخيرة أكثر تأكيدا وثانيهما ان يقال الغرض من السؤال استعلام كيفية الشهادة فأجاب (ع) ببيان كيفية الشهادة بالتوحيد ليقيس الشهادة بالرسالة عليه أو الغرض استعلام كيفية الشهادة بالتوحيد اعتمادا على أن كيفية الشهادة الأخرى مطردة معروفة لا يحتاج إلى البيان ولعل في التغيير السؤالين حيث قال في الأول ما يجزي من القول في التشهد وفي الثاني ما يجزي من التشهد اشعارا بنحو هذا التأويل الثاني راجح حملا للخبر على ما وافق القول وإن كان التأويل الأول قريبا في نفسها وحمل خبر زرارة على التقية أيضا متجه لكونه أقرب إلى مذهب العامة ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير عن سعد بن بكر عن حبيب الخثعمي عن أبي جعفر (ع) يقول إذا جلس الرجل للتشهد فحمد الله اجزاه وحمله الشيخ على التقية لموافقتها لمذهب كثير من العامة ويمكن حملها على اجزاء الحمد في الاذكار والدعوات التي يستحب ان يقرأ حال الجلوس للتشهد ومنها ما رواه عن بكر بن حبيب قال سألت أبا جعفر (ع) عن التشهد فقال لو كان كما يقولون واجبا على الناس هلكوا انما كان القوم يقولون أيسر ما يعلمون إذا حمدت الله أجزاك ووجه التأويل فيه قريب من السابق وقريب منه ما رواه في الصحيح عن صفوان عن منصور عن بكر بن حبيب قال قلت لأبي عبد الله (ع) اي شئ أقول في التشهد والقنوت قال قلت بأحسن ما علمت فإنه لو كان موقتا لهلك الناس ومنها ما رواه في الصحيح عن عبد الله ابن بكير عن زرارة قال قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل يحدث بعدما رفع رأسه من السجود الأخير فقال تمت صلاته فإنما التشهد سنة فليتوضأ ويجلس مكانه أو مكانا نظيفا فتشهد وحملهما الشيخ على من أحدث بعد الشهادتين قبل ان يستكمل تشهده وهو بعيد جدا ويمكن ان يقال لا دلالة في الخبر على عدم وجوب التشهد بل المستفاد منها تمامية الصلاة في صورة تخلل الحدث وهو لا يستلزم خروج التشهد عن الصلاة إذ لم يثبت ان تخلل الحدث في أثناء الصلاة مبطل مطلقا نعم هو خلاف المشهور كما سيجيئ في احكام الخلل وقوله (ع) فإنما التشهد سنة يعني ثابت بالسنة لا الكتاب فلا ينافي وجوبه ويؤيده ما رواه ابن بابويه عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) أنه قال لا تعاد الصلاة الا من خمسة الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود ثم قال القراءة سنة والتشهد سنة ولا تنقض السنة الفريضة ومنها ما رواه في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر في الرجل يحدث بعد أن يرفع رأسه في السجدة الأخيرة وقيل إن يتشهد قال ينصرف فليتوضأ فان شاء رجع إلى المسجد وان شاء حيث شاء قعد فتشهد ثم يسلم وإن كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته وحملها الشيخ على من دخل في صلاته بتيمم ثم أحدث ناسيا قبل الشهادتين وهو بعيد جدا والوجه فيه ما مر في الخبر السابق ويمكن حمل هذين الخبرين على التقية وعليه اقتصر الشهيد في الذكرى بعد ايراده لنبذة من الاخبار المخالفة لما عليه عمل الأصحاب وحكايته عن الشيخ تأويلها بما لا يسلم عن التكليف قال ولو حملت على التقية لكان انسب لأنه (مذهب) كثير من العامة كالشافعي وأهل العراق والأوزاعي ومالك إذ يقولون بعدم وجوب التشهد الأول وقال بعدم وجوب التشهد الثاني أيضا مالك وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي عن علي وسعيد بن المسيب والنخفي والزهري واما ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد وهو ابن مسلم عن أحدهما في الرجل يفرغ من صلاته قد نسى التشهد حتى ينصرف فقال إن كان قريبا رجع إلى مكانه فتشهد والا صلب مكانه نظيفا فتشهد فيه وقال انما التشهد سنة في الصلاة فحمل السنة على ما ثبت بقول النبي صلى الله عليه وآله دون الكتاب واما وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله واله عليهم السلام في التشهدين فمشهور بين الأصحاب ونقل اتفاق الأصحاب عليه جماعة منهم الشيخ وابن زهرة والمحقق والمصنف وغيرهم ولم يذكره الصدوق أصلا و لا والده في التشهد الأول وعن ابن الجنيد أنه قال يجزي الشهادتان إذا لم يخل الصلاة على محمد وآله في أحد التشهدين احتج الفاضلان على وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله بما رواه الصدوق في باب الفطرة من كتاب الصوم في الصحيح عن زرارة وأبي بصير ورواه الشيخ عن زرارة قالا قال أبو عبد الله (ع) ان من تمام الصوم اعطاء الزكاة يعني الفطرة كما أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وآله تمام الصلاة لأنه من صام ولم يؤد الزكاة فلا حيوله إذا تركها متعمدا ولا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وآله ان الله عز وجل قد بدأ بها قبل الصوم قال قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى وفي متن الحديث بين عبارة الصدوق والشيخ اختلاف ولا يخفى ان غاية ما يستفاد من هذه الرواية وجوب الصلاة على النبي وآله (ع) في الصلاة لا وجوبها في كل من التشهدين وربما يقال إن هذا التشبيه ربما اقتضى توجه النفي إلى الفضيلة والكمال لا إلى الصحة للاتفاق على عدم توقف صحة الصوم على الزكاة واحتجا أيضا بورود الامر بها في قوله تعالى صلوا عليه وسلموا تسليما ولا يجب في غير الصلاة اجماعا فيجب في الصلاة في حال التشهد وفيه نظر لأنه يجوز ان يكون المراد بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله الاعتناء باظهار شرفه وتعظيم شانه فلا يدل على المدعا أو يكون المراد الكلام الدال على الثناء عليه وهو حاصل بالشهادة بالرسالة وبالجملة اثبات ان المراد بالصلوات المتعارفة محل اشكال على أن الامر المطلق لا يقتضي التكرار فغاية ما يلزم من الآية وجوب الصلاة في العمر مرة واثبات ان القول بذلك خلاف الاجماع كما ادعاه الفاضلان لا يخلو عن عسر والاستناد في وجوبها في الصلاة إلى أن تحصيل اليقين بالبرائة من التكليف الثابت متوقف عليه أقرب وعلى كل تقدير فلا ريب في رجحان فعلها في جميع الأحوال روى الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) أنه قال صلى على النبي صلى الله عليه وآله كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك وعن عبد الله بن سنان في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يذكر النبي صلى الله عليه وآله وهو في الصلاة المكتوبة إما راكعا واما ساجدا فيصلى عليه وهو على تلك الحال فقال نعم ان الصلاة على نبي الله صلى الله عليه وآله كهيئة التكبير والتسبيح وهي عشر حسنات يبتدوها ثمانية عشر ملكا أيهم يبلغها إياه
(٢٨٨)