أصل [2] [معرفة مختلف الحديث وطرق الجمع أو الترجيح] ومن أعظم المهمات عند الفقهاء والمحدثين من كل الطوائف: معرفة مختلف الحديث، ومعرفة ما يترتب على الاختلاف، وإذا وردت مختلفة في الحكم فلا تخرج عن أقسام ثلاثة:
الأول: أن يقع التعادل والتضاد فيها من كل وجه، وهو قليل الوقوع، حتى منع من وقوعه بعض المخالفين. وليس بشيء.
وحكمه عندنا وعند أكثر العامة: التخيير. وقال بعض الفقهاء: يتساقطان ويرجع إلى مقتضى العقل. والصحيح الأول.
وقد جاء في بعض أحاديثنا عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: " بأيهما أخذت من باب التسليم؛ وسعك " (1).
إلا أنا روينا عن محمد بن يعقوب (رحمه الله)، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، والحسن بن محبوب جميعا عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر كلاهما يرويه؛ أحدهما يأمره بأخذه، والآخر ينهاه عنه، كيف يصنع؟ قال: " يرجئه حتى يلقى من يخبره، وهو في سعة حتى يلقاه " (2). وسيأتي نحو هذا في حديث عمر بن حنظلة.
وقد استفاض النقل عن النبي والأئمة (عليهم السلام) بالأمر بالتوقف عند الاشتباه (3)، وهذا منه، ولكن عمل أصحابنا وجماهير العلماء على الأول؛ وهو التخيير.
ولعل هذين الحديثين ونحوهما محمول على ما لا يضطر إليه الإنسان؛ بدليل: