رسائل في دراية الحديث - أبو الفضل حافظيان البابلي - ج ١ - الصفحة ١٩٠
الفقهاء (ولا يملك القيام به إلا المحققون من أهل البصائر)؛ الغواصون على المعاني والبيان؛ (المتضلعون) أي المكثرون بقوة (من الفقه والأصول) الفقهية.
(وقد صنف فيه الناس) كثيرا، وأولهم الشافعي (1)، ثم ابن قتيبة (2)، ومن أصحابنا:
الشيخ أبو جعفر الطوسي كتاب الاستبصار في ما اختلف من الأخبار. (وجمعوا) بين الأحاديث (على حسب ما فهموه) منه (وقلما يتفق) فهمان على جمع واحد.
ومن أراد الوقوف على جلية الحال فليطالع المسائل الفقهية الخلافية التي ورد فيها أخبار مختلفة يطلع على ما ذكرناه.
(وسادس عشرها: الناسخ والمنسوخ) فإن من الأحاديث ما ينسخ بعضها بعضا، كالقرآن.
(والأول) وهو الناسخ: (ما) أي حديث (دل على رفع حكم شرعي سابق).
والحديث المدلول عليه ب‍ " ما " بمنزلة الجنس يشمل الناسخ وغيره، ومع ذلك خرج به ناسخ القرآن.
و " الحكم المرفوع " شامل للوجودي والعدمي.
وخرج ب‍ " الشرعي " الذي هو صفة الحكم، الشرع المبتدأ بالحديث؛ فإنه يرفع به الإباحة (3) الأصلية لكن يسمى شرعيا.
وخرج ب‍ " السابق " الاستثناء، والصفة، والشرط، والغاية الواقعة في الحديث؛ فإنها قد ترفع حكما شرعيا لكن ليس سابقا.
(والثاني) وهو المنسوخ: (ما رفع حكمه الشرعي بدليل شرعي متأخر عنه) وقيوده تعلم بالمقايسة على الأول.

١. مختلف الحديث للإمام الشافعي، طبع حاشية على كتابه الأم.
٢. تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة.
3. في حاشية المخطوطة: " لأن دليل الإباحة على القول بها عقلي، وهو عدم تضرر المالك - وهو الله تعالى - به، وعدم حاجته إليه، كما يباح الاستظلال بحائط الغير عقلا، كما هو مقرر في الأصول. (منه) ".
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست