فصل [1] [عدالة الصحابة] ولقد مات النبي (صلى الله عليه وآله) عن مائة وأربعة عشر ألف صحابي، وآخرهم موتا أبو الطفيل؛ مات سنة مائة، وآخرهم قبله أنس بن مالك.
وقد جازف أهل السنة كل المجازفة، بل وصلوا إلى حد المخارفة! فحكموا بعدالة كل الصحابة؛ من لابس منهم الفتن ومن لم يلابس، وقد كان فيهم المقهورون على الإسلام، والداخلون على غير بصيرة، والشكاك، كما وقع من فلتات ألسنتهم كثيرا، بل كان فيهم المنافقون كما أخبر به البارئ جل ثناؤه، وكان فيهم شاربو الخمر، وقاتلو النفس، وفاعلو الفسق والمناكر، كما نقلوه عنهم، وما نقلنا نحن بعضه في ما سبق من صحاحهم من الأحاديث المتكثرة المتواترة المعنى، يدل على ارتدادهم بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فضلا عن فسقهم.
وزاد بعضهم في المجازفة والمخارفة؛ فحكم بأنهم كلهم كانوا مجتهدين!! وهذا يقطع من له أدنى عقل بفساده؛ لأنه كان فيهم الأعراب، ومن أسلم قبل موت النبي بيسير، والأميون الذين يجهلون أكثر قواعد الأحكام وشرائع الدين، فضلا عن الخوض فيه بالاستدلال.
كيف؟! والاجتهاد ملكة لا تحصل إلا بعد فحص كثير وممارسة تامة، بغير خلاف.