وقد افتضح أقوام ادعوا الرواية عن شيوخ ظهر بالتاريخ كذب دعواهم.
(و) الثاني: أن يعبر في الرواية عن المروي عنه (بصيغة تحتمل اللقاء وعدمه، مع عدمه) أي عدم اللقاء، (ك " عن) فلان " (و " قال) فلان كذا "؛ فإنهما وإن استعملا في حالة يكون قد حدثه يحتملان كونه حدث غيره، فإذا ظهر بالتنقيب كونه غير راو عنه تبين الإرسال. (وهو ضرب من التدليس)، وسيأتي.
(الرابع: المعلل)، ومعرفته من أجل علوم الحديث وأدقها؛ (وهو ما فيه أسباب خفية غامضة قادحة) فيه في نفس الأمر، (وظاهره السلامة) منها بل الصحة.
(وإنما يتمكن من معرفة ذلك أهل الخبرة) بطريق الحديث، ومتونه، ومراتب الرواة (الضابطة) لذلك، (و) أهل (الفهم الثاقب) في ذلك.
(ويستعان على إدراكها) أي العلل المذكورة: (بتفرد الراوي) بذلك الطريق، أو المتن الذي تظهر عليه قرائن العلة.
(وبمخالفة غيره له) في ذلك (مع) انضمام (قرائن تنبه العارف على) تلك العلة: من (إرسال في الموصول، أو وقف في المرفوع، أو دخول حديث في حديث، أو وهم واهم، أو غير ذلك) من الأسباب المعلة للحديث (بحيث يغلب على الظن ذلك) ولا يبلغ اليقين، وإلا لحقه حكم ما تيقن من إرسال أو غيره (فيحكم به، أو يتردد) في ثبوت تلك العلة من غير ترجيح يوجب الظن (فيتوقف).
وهذه العلة عند الجمهور مانعة من صحة الحديث على تقدير كون ظاهره الصحة لولا ذلك. ومن ثم شرطوا في تعريف الصحيح سلامته من العلة (1).
وأما أصحابنا فلم يشترطوا السلامة منها، وحينئذ فقد ينقسم الصحيح إلى معلل وغيره (2)، وإن رد المعلل كما يرد الصحيح الشاذ.