" أنه لما طالت المدة بين المتأخرين - نور الله مراقدهم - وبين الصدر السالف، وآل الحال إلى اندراس بعض كتب الأصول المعتمدة؛ لتسلط حكام الجور والضلال، والخوف من إظهارها وانتساخها، وانضم إلى ذلك اجتماع ما وصل إليهم من كتب الأصول؛ في الأصول المشهورة في هذا الزمان، فالتبست الأحاديث المأخوذة من الأصول المعتمدة بالمأخوذة من غير المعتمدة، واشتبهت المتكررة في كتب الأصول بغير المتكررة، وخفي عليهم - قدس الله أرواحهم - كثير من تلك الأمور التي كانت سبب وثوق القدماء بكثير من الأحاديث، ولم يمكنهم الجري على أثرهم في تمييز ما يعتمد عليه مما لا يركن إليه، فاحتاجوا إلى قانون تتميز به الأحاديث المعتبرة عن غيرها، والموثوق بها عما سواها، فقرروا لنا - شكر الله سعيهم - ذلك الاصطلاح الجديد، وقربوا إلينا البعيد، ووصفوا الأحاديث الموردة في كتبهم الاستدلالية بما اقتضاه ذلك الاصطلاح من الصحة والحسن والتوثيق " (1).
(انتهى كلامه، رفع في الخلد مقامه).
وهذه الوجيزة مع وجازتها في اللفظ، وغزارتها في المعنى، قد ساير فيها مؤلفها - طيب الله ثراه - الآراء المشهورة بين علمائنا المتأخرين في مسائل هذا العلم، وانفرد في بعضها بآرائه التي لا نعلم له فيها سلفا، ولا غرو في ذلك؛ فإنه (رحمه الله) قد بلغ رتبة المجتهدين النقاد في كل فن خاض فيه، أو علم تكلم على مسائله.
وجدير أن نشير هنا إلى شئ من ذلك:
1 - التفرقة بين الحديث والسنة: فإن البهائي - رحمه الله تعالى - عرف الحديث أولا بأنه: " كلام يحكي قول المعصوم (عليه السلام) أو فعله أو تقريره ". ثم أدخل قول المعصوم في تعريف الحديث فقال: " ولو قيل: الحديث قول المعصوم أو حكاية قوله أو فعله أو تقريره، لم يكن بعيدا ".
وجعله في الزبدة أولى، وهذا اصطلاح جديد منه (رحمه الله) - كما قال السيد حسن الصدر