بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة التحقيق الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله ومن تبع سبيلهم واقتفى.
وبعد: فإن لشيخ الإسلام أبي الفضائل بهاء الملة والدين محمد بن الحسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني العاملي - قدس الله روحه، ونور ضريحه - أيادي بيضاء مشكورة في خدمة العلوم والفنون الإسلامية، والمشاركة فيها بتآليف قيمة لا يزال كثير منها مرجعا لأرباب الفضل والتحقيق في شتى النواحي العلمية.
وقد امتاز (رحمه الله) عن كثير من المؤلفين بحسن أسلوبه في التأليف وعرض المطالب وسردها مع وجازة واختصار - غير مخلين - في العبارات، وانتقاء جيد للألفاظ، بحيث يختصر السطور في جمل قصيرة مع أداء المعنى تاما، وهذا أيضا مما يعين الطالب على حفظ المتون وتحمل المواد العلمية بيسر وسهولة.
وقد جرى - رحمه الله تعالى - على هذا الأسلوب في رسالته " الوجيزة " التي ضمنها خلاصة علم الدراية، وزبدة ما يحتاج إليه أهل الرواية، وجمع فيها أمهات مسائل هذا العلم على طريقة المتأخرين ومصطلحهم.
وعلم الدراية: علم يبحث فيه عن سند الحديث، ومتنه، وكيفية تحمله، وآداب نقله.
وقد ذكر شيخنا البهائي (رحمه الله) في سبب تدوين هذا العلم، وعدول المتأخرين عن متعارف القدماء ووضع الاصطلاح الجديد: