غيرهما، وليصبر على جفاء شيخه إذا وقع، وليكتم ما عساه يعثر عليه من هفوة أو سهو؛ فإنه لا معصوم إلا من عصمه الله تعالى.
وليعتن بالمهم مما يعثر عليه، وليكتبه بتمامه ولا يختصره، ولا يضيع وقته في ما لا يعنيه؛ فإن العمر جوهرة نفيسة لا خلف لها ولا ثمن.
أصل [4] ولا ينبغي أن يعتني بالجمع والرواية دون معرفته وفهمه، ومعرفة ضعفه وصحته، وفقهه ومعانيه، ولغته وإعرابه، وأسماء رجال سنده، محققا كل ذلك بحسب الإمكان، معتنيا بإعراب مشكله وضبطه من كتب اللغة، وتبيين غريبه؛ وهو ما وقع في متنه من لفظة غريبة غامضة بعيدة عن الفهم لقلة استعمالها، وهو فن مهم اعتنى به القدماء من الخاصة والعامة، وقد ألف أبو جعفر محمد بن بابويه (رحمه الله) كتابا في غريب أحاديث النبي والأئمة (عليهم السلام)، وأحسن ما ألف العامة فيه كتاب الغريبين؛ يعني غريب القرآن والحديث (1).
ثم ينبغي أن يذاكر بمحفوظه، ويباحث أهل المعرفة ممن هو فوقه أو دونه أو مثله ما أمكن؛ فإن حياة العلم مذاكرته، وقل أن ينكشف مجلس المباحثة والمذاكرة إلا عن فائدة جديدة، ومن مارس علم صدق ذلك.
وقد روينا بأسانيدنا عن محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله عز وجل يقول: تذاكر العالم بين عبادي مما تحيى عليه القلوب الميتة إذا هم انتهوا فيه إلى أمري ". (2)