ففي الأول السماع أرجح؛ لأن السلف كانوا يجمعون الحديث من صحف الناس وصدور الرجال، فدعت الحاجة إلى السماع خوفا من التدليس والتلبيس، بخلاف ما بعد تدوينها؛ لأن فائدة الرواية حينئذ إنما هي اتصال سلسلة الأسناد بالنبي (صلى الله عليه وآله)؛ تبركا وتيمنا، وإلا فالحجة تقوم بما في الكتب، ويعرف القوي منها والضعيف من كتب الجرح والتعديل. وهذا قوي متين.
ثم الإجازة تتنوع أنواعا أربعة: لأنها إما أن تتعلق بأمر معين لشخص معين، أو عكسه، أو بأمر معين لغيره، أو عكسه.
(وأعلاها) الأول، وهو الإجازة (لمعين به) أي بمعين، ك " أجزتك الكتاب الفلاني " أو " ما اشتمل عليه فهرستي هذا ".
وإنما كانت أعلى لانضباطها بالتعيين، حتى زعم بعضهم: أنه لا خلاف في جوازها وإنما الخلاف في غير هذا النوع (1).
(أو) الإجازة لمعين (بغيره) أي غير معين، كقولك: " أجزتك مسموعاتي " أو " مروياتي " وما أشبهه. وهذا أيضا جائز على الأشهر، (و) لكن (الخلاف فيه أكثر) من حيث عدم انضباط المجاز، فيبعد عن الإذن الإجمالي المسوغ له.
ولو قيدت بوصف خاص، ك " مسموعاتي من فلان " أو " في بلد كذا " إذا كانت متميزة، فأولى بالجواز.
(ثم) بعدهما في المرتبة: الإجازة (لغيره) أي غير معين، ك " جميع المسلمين " أو " كل أحد " أو " من أدرك زماني " وما أشبه ذلك، سواء كان بمعين ك " الكتاب الفلاني " أو بغير معين ك " ما يجوز لي روايته " ونحوه.
(وفيه) أيضا (خلاف) مرتب في القوة بحسب المرتبتين، فجوزه على التقديرين جماعة من الفقهاء والمحدثين (2).
وممن وقفت على اختياره لذلك من متأخري أصحابنا شيخنا الشهيد، وقد طلب