(وهو) أي التواتر (متحقق في أصول الشرايع) - كوجوب الصلاة اليومية، وأعداد ركعاتها، والزكاة، والحج - تحققا (كثيرا). وفي الحقيقة مرجع إثبات تواترها إلى المعنوي لا اللفظي؛ إذ الكلام في الأخبار الدالة عليه، كغيرها.
(وقليل) تحققه (في الأحاديث الخاصة) المنقولة بألفاظ مخصوصة؛ لعدم اتفاق الطرفين والوسط فيها (وإن تواتر مدلولها) في بعض الموارد، كالأخبار الدالة على شجاعة علي (عليه السلام)، وكرم حاتم، ونظائرهما؛ فإن كل فرد خاص من تلك الأخبار الدالة على أن عليا (عليه السلام) قتل فلانا وفعل كذا، غير متواتر، وكذا الأخبار الدالة على أن حاتما أعطى الفرس الفلانية والجمل والرمح وغيرها، إلا أن القدر المشترك بينها متواتر، تدل عليه تلك الجزئيات المتعددة آحادا؛ بالتضمن.
وعلى هذا ينزل ما ادعى المرتضى ومن تبعه تواتره من الأخبار الدالة على النص وغيره؛ إذ لا شبهة في أن كل واحد من تلك الأخبار آحاد. وقد أومأ إلى ذلك في مسائله التبانيات (1).
ولم نتحقق إلى الآن خبرا خاصا بلغ حد التواتر إلا ما سيأتي، (حتى قيل) - والقائل ابن الصلاح (2) -: (من سئل عن إبراز مثال لذلك أعياه طلبه)، هذا مع كثرة رواتهم قديما وحديثا، وانتشارهم في أقطار الأرض، قال: (وحديث: " إنما الأعمال بالنيات " (3) ليس منه) أي من المتواتر (وإن نقله) الآن (عدد التواتر وأكثر)؛ فإن جميع علماء الإسلام ورواة الحديث الآن يروونه، وهم يزيدون عن عدد التواتر أضعافا مضاعفة؛ (لأن ذلك) التواتر المدعى قد (طرأ في وسط إسناده) إلى الآن، دون أوله (4)، فقد انفرد به جماعة مترتبون، أو شاركهم من لا يخرج بهم عن الآحاد.