أهلها، وأعطاه ثلاث قرى من قرى تلك البلاد، وأمر الشاه المذكور الأمير شاه قلي سلطان يكان أعلى حاكم بلاد خراسان بأن يحضر الأمير محمد خدابنده ميرزا ولد الشاه طهماسب كل يوم جمعة بعد الصلاة إلى الجامع الكبير بهراة، إلى خدمة المترجم لاستماع الحديث والفقه، وأمر حاكم خراسان المذكور أن يكون منقادا لأوامر المترجم ونواهيه، وأن لا يخالفه أحد، فأقام المترجم بهراة ثمان سنين على هذا المنوال، مشتغلا بإفادة العلوم الدينية، وإجراء الأحكام الشرعية، وإظهار الأوامر الملية، فتشيع لذلك خلق كثير ببركة أنفاسه في هراة ونواحيها، وتوجه إلى حضرته الطلبة بل والعلماء والفقهاء من الأطراف والأكناف من أهل إيران وتوران؛ لأجل مقابلة الحديث، وأخذ العلوم الدينية، وتحقيق المعارف الشرعية.
سفره إلى الحج ثم إنه توجه من هراة إلى قزوين لملاقاة الشاه بها، وطلب الرخصة منه له ولولده البهائي بحج بيت الله الحرام، فأذن الشاه له، ولم يأذن لولده؛ لئلا تخلو هراة من مرشد، وأمر ولده الشيخ البهائي بالإقامة في هراة والاشتغال بتدريس العلوم الدينية، وبالطبع كان ولده المذكور مقيما معه في هراة مدة مقامه بها، وكذلك في قزوين والمشهد، وقد اقتفى طريق أبيه في هذه المدة، وتعلم منه وسلك مسلكه، وهو في ريعان الشباب لا يزيد سنه عن خمس وعشرين سنة إلا قليلا.
وتوجه الوالد إلى الحج، وزار المدينة المنورة، ورجع من طريق البحرين وتوطنها، وكتب إلى ولده الشيخ البهائي ما معناه: " إن كنت تريد الدنيا فاذهب إلى الهند، وإن كنت تريد الآخرة فاذهب إلى البحرين، وإن كنت لا تريد الدنيا ولا الآخرة فتوطن ببلاد العجم ".
قال: وأقام المترجم في بلاد البحرين واشتغل بتدريس العلوم الدينية برهة من الزمان في أواخر عمره إلى أن توفي بها، وقبره معروف متبرك به.
انتهى ما في الرياض.